الأحد، 29 يناير 2017

مستقبل التنمية البشرية المستدامة في العراق التحديات والفرص

المقدمة
يتباين اهتمام الإنسان بالمشاكل التي يواجهها وفقاً لمدى التأثيرات المترتبة عليها, ولقد تنامى مؤخراً اهتمام كافة المجتمعات البشرية بمفهوم التنمية البشرية المستدامة الذي تطور من البساطة من حيث التركيز على البعد الاقتصادي للتنمية, إلى الأبعاد السياسية والقانونية والمؤسساتية والبشرية والاجتماعية والبيئية للتنمية. وعليه فقد حظي هذا المفهوم الجديد باهتمام العلماء والدارسين في مختلف المجالات والحقول، وفي خضم ذلك تبنِّت الأمم المتحدة الكثير من البرامج التي تؤكد على المفهوم الشمولي للتنمية البشرية المستدامة.
إن تحقيق السلم والأمن في أي مجتمع لا بد وأن يرتبط ارتباطا وثيقا بالتنمية البشرية المستدامة لانها الضمان للمشاركة الفاعلة والمستدامة للمواطن في جميع مجالات الحياة، والتنمية البشرية هي الركيزة التي ترتكز عليها جميع الحقوق المدنية والسياسية فضلا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وفي ظل غياب السلم والامن والاستقرار يتعذر الاستمرار في مجالات التنمية البشرية المستديمة.
وعلى الصعيد الوطني نجد ان العراق عانى من اثار التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق، فضلا عن الاوضاع غير المستقرة بعد عام 2003 ، وما رافقها من اختلال الامن والاستقرار بسبب الارهاب وتدهور الاوضاع الامنية، مما اثر سلبا على اداء الحكومات العراقية المتعاقبة مرارا في وضع إستراتيجية تنموية شامله ومستدامة تستجيب لاهداف الالفية وتلبي الاحتياجات الأساسية في ميادين الصحة، التعليم، المياه الصالحة للشرب، الصرف الصحي، والصناعة النفطية، الخ.
ومن هذا المنطلق يحاول البحث اثبات صحة الفرضية القائلة (ان الفهم الصحيح للظروف الجديدة في العراق والمتغيرات الناشئة بسبب الارهاب واعمال العنف والنزوح والتهجير، تدل على انه لم تتوافر بعد أسباب الأمن والاستقرار على نحو يسمح بوضع برامج طموحة للتنمية المستدامة وإعادة الأعمار،وانما ينبغي اعتماد منهج تدريجي وبراغماتي يوفر إمكانية تحديد الأولويات على نحو مختلف ويأخذ بنظر الاعتبار التحديات الجديدة والسعي لمواجهتها بأسلوب  فعال، ولاسيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة.
ومن اجل الإحاطة بهذا الموضوع وتحديد أبعاد ومدركات البحث تم تقسيمه وفقا للاتي:
المبحث الأول: وقد تم تناول عملية تحديد إطار نظري لمفهوم التنمية البشرية المستدامة، فضلا عن تحديد الاهداف الانمائية للالفية. أما المبحث الثاني: فقد تناول مقاصد اهداف التنمية المستدامة 2030 ووسائل تنفيذها قدر تعلق الامر بالعراق ، أما المبحث الثالث: فقد تناول التحديات التي تعيق التنمية البشرية المستدامة في العراق وقد قسمت المعوقات الى: ( الارهاب وعدم الاستقرار الامني، النزوح والتهجير، انحسار دور القطاع الحكومي في إدارة الاقتصاد، غياب إستراتيجية تنموية عراقية واضحة).أما المبحث الرابع  فقد تناول الفرص التي تحقق التنمية البشرية المستدامة في العراق.

المبحث الاول
مفهوم واهداف التنمية البشرية المستدامة
المطلب الاول: مفهوم التنمية البشرية المستدامة
يعد مفهوم التنمية البشرية المستدامة (Sustainable Human Development) من المفاهيم الحديثة التي تعاني قصورا في بعض الكتابات التي تناولت المفهوم في تحديدها لرؤية واضحة وتوضيح أبعاده بصورة جلية. فقد ظهر مفهوم التنمية البشرية المستدامة كرد فعل على أزمة الدولة وأزمة السوق في قيادتها لعملية التنمية، إذ أن الدولة ظلت ولزمن طويل تعد هي القائد الرئيس لعملية التنمية، وذلك خلال انتهاج سياسات تهدف الى توفير الضمان الاجتماعي والقضاء على الفقر والبطالة وغيرها. و بالرغم من نجاح بعض الدول في قطع شوط كبير في عملية التنمية إلا أن الكثير من هذه الدول فشلت في  الاستمرار في تحقيق مستويات أعلى من النمو الاقتصادي أو القضاء على الفقر والبطالة أو توفير الرفاه الاجتماعي كالصحة والتعليم وغيرها. كذلك فان تدخل الدولة الكبير وقيادتها لعملية التنمية دفعها الى مصادرة الحريات والتجاوز على الديمقراطية([i]). وقد تزامن فشل اغلب البلدان النامية في تحقيق التنمية المنشودة مع نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وظهور الأفكار التي تنادي بها العولمة المتمثلة بالأخذ بالتعددية السياسية وضمان حقوق الإنسان وتفعيل دور المجتمع المدني فضلا عن تأكيدها على أن تترك الدولة زمام الأمور في عملية التنمية الى قوى السوق الحرة([ii])، وتبني التحررية الاقتصادية والانفتاح وإزالة الحواجز التجارية والمالية والإدارية، مؤكدة على أن العولمة ستحقق المكاسب للجميع وان هذه المكاسب تتأتى من خلال تحرير التجارة وحركة رؤوس الأموال وخصخصة القطاع العام والإصلاحات الاقتصادية لصندوق النقد والبنك الدوليين([iii])، بما يقود الى تحقيق النمو وزيادة الإنتاجية والاستخدام الأمثل للتقنية وكذلك المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية المحدودة([iv]). ويقوم هذا المفهوم على إدراك أهمية التنمية وشمولها لجميع نواحي الحياة وعلى التكامل المنظور التنموي حول الإنسان في تنمية دائمة ومستمرة وعلى ضرورة صياغة استراتيجيات تنموية تبدأ بالإنسان وتنتهي به، ويركز المفهوم على تكوين قدرات الإنسان وبنائها ويركز أيضا أهمية مشاركة الإنسان الفاعلة في عملية التنمية وعلى ضرورة استخدام هذه القدرات في أنشطة تضمن استمرارها والتوزيع العادل لثمارها وحفظا لحقوقه ولمصالحه في الحاضر، وحقوق ومصالح الأجيال القادمة.
ومما تقدم نجد أن المصطلح قد استخدم لأول مره استخداما اقتصاديا بحت، إلا انه مع مرور الوقت تطور ليعني المحافظة على البيئة والنمو الاقتصادي، ثم تطور ليشمل حياة الإنسان بمجملها باعتباره وسيله لتحقيق حاجات الإنسان الأساسية بكل المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية. وأصبح موضوع التنمية المستدامة محط اهتمام دولي سواء من المنظمات الحكومية الرسمية أو غير الحكومية منذ بداية عقد التسعينات، إذ حصلت قفزة نوعية في الفكر التنموي من حيث معالجته للتنمية البشرية، إذ انتقل من مفهومه الاقتصادي الذي يعني تشكيل القدرات البشرية كافه بما يتلاءم والعملية الإنتاجية، وتطور ليركز على كيفية الانتفاع بالقدرات البشرية وتعززت المقولة القائلة إن الإنسان هو صانع التنمية وهو هدفها، ولم يكن التطور عند هذا الحد بل توسع ليشمل مفهوم تشكيل القدرات البشرية و مفهوم الانتفاع بها بشكل يضفي على التنمية البشرية الديمومة والدينامية([v]).
 وقد عرفت التنمية البشرية المستدامة على أنها( عملية التنمية التي تلبي أماني وحاجات الحاضر دون تعريض قدرة أجيال المستقبل على تلبية حاجاتهم للخطر)، كما عرفها الاقتصادي روبرت سولو بانها (عدم الاضرار بالطاقة الانتاجية للاجال المقبلة وايصالها اليهم بنفس الوضع الذي ورثه الجيل الحالي وبين سولو ان الحديث عن الاستدامة يعني الاخذ في الحسبان ليس الموارد التي نستهلكها اليوم وتلك التي نورثها للاجيال القادمة فحسب، بل ينبغي ايضا توجيه الاهتمام الكافي لنوعية البيئة التي نخلفها للمستقبل، وهذه البيئة تشمل اجمالي الطاقة الانتاجية للاقتصاد، بما في ذلك المصانع والمعدات والتقنية السائدة وهيكل المعرفة)([vi]). كما عرفها المبدأ الثالث الذي تقرر في مؤتمر الأمم المتحدة الذي انعقد في مؤتمر ريودي جانيرو في البرازيل عام 1992 على أنها ( ضرورة انجاز الحق في التنمية بحيث تتحقق وعلى نحو متساو على الحاجات التنموية والبيئية لأجيال الحاضر والمستقبل)([vii]). أما تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي(UNDP)  فقد عرف التنمية البشرية على أنها ( تنمية الناس من اجل الناس بواسطة الناس)، وتنمية الناس تعني الاستثمار في قدرات البشر سواء في التعليم أو الصحة أو المهارات حتى يمكنهم العمل على نحو منتج وخلاق، والتنمية من اجل الناس معناها كفالة توزيع ثمار النمو الاقتصادي الذي يحققوه توزيعا واسع النطاق وعادلا، والتنمية بواسطة الناس معناها إعطاء كل امرئ فرصة المشاركة فيها([viii])، أي أن عالم التنمية البشرية يمتد الى ما هو ابعد مما تقدم كحالات الاختيار الأخرى التي يعطي لها الناس قيمه فائقة والتي تتضمن المشاركة والأمن والقابلية للاستدامة وحقوق الإنسان المضمونة، وهي أمور لازمة لكي يكون الإنسان خلاقا ومنتجا ولكي يتمتع باحترام الذات وبالتمكين وبالإحساس بالانتماء الى المجتمع([ix]).
وتجدر الإشارة الى أن التنمية البشرية المستدامة ترتبط ارتباطا مباشرا مع الديمقراطية من خلال تأكيدها سيادة القانون والضمانات الدستورية والمساواة وتكافؤ الفرص، وحرية التعبير والقيود القانونية والاجتماعية المفروضة على وسائل الإعلام، فضلا عن تأكيدها المشاركة السياسية التي تضمن حرية تكوين منظمات المجتمع المدني والتعددية الحزبية وحق المعارضة، والانتخابات ومراقبة عمل الحكومة([x]). وفي الوقت نفسه نجد ان التنمية البشرية المستدامة ترتبط ارتباطا اساسيا بحقوق الانسان، فمن خلال التجربة تبين أن عوامل النجاح في تحقيق أهداف التنمية لا تتوقف على عدد السكان وامتلاك الثروات والمساحة الجغرافية، بقدر ما تعتمد بالأساس على سلامة الرؤية التنموية واحترام حقوق الإنسان وصلاحية نظام الحكم السياسي. ويلاحظ أن الدول التي أخفقت في اعتماد معايير حقوق الإنسان والحفاظ عليها في المجتمع لم تنجح في تحقيق أهدافها بالوصول الى تنمية بشرية مستدامة بغض النظر عن فقرها أو غناها بالثروات أو نسبة عدد السكان أو مساحتها الجغرافية. في حين نجد أن الدول التي سعت الى إعمال حقوق الإنسان وتفعيلها وتعزيزها عبر مشاركة فاعلة للأفراد بشكل فردي أو جماعي ساهم في مواجهة تحديات التنمية وتمكنت من الوصول باقتصادياتها الى مستوى متقدم على طريق التنمية البشرية المستدامة، وهنا يمكن القول بان حقوق الإنسان تزدهر وتنمو عندما تنجح هي والتنمية في تقليص الفجوة في امتلاك الثروة وخفض التباين بمستويات المعيشة ودرجات الفقر وتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية بين الأفراد، والتنمية عملية لا تقتصر فقط على العلاقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان داخل الدولة، وإنما ايضا على العلاقة بين الدول بعضها ببعض، فالتنمية بعد دولي لا يمكن إغفاله أو تجاوزه، فهناك العديد من التحديات والمعوقات التي يمكن أن تعيق عملية التنمية أو تشوهها وتفرغها من محتواها([xi]).
وتأسيسا على ما تقدم يمكن القول إن التنمية البشرية المستدامة تؤكد على الاستثمار في البشر لخلق كادر بشري مؤهل يستطيع أن يتعايش مع تحديات العصر، وان ذلك يتم من خلال زيادة فرصهم في التعليم والرعاية الصحية والدخل والتشغيل وغير ذلك، فالتنمية المستدامة تتعلق بقدرة الإنسان على العيش طويلا والوقاية من الاصابه بالأمراض والتعلم والتحرر من الاميه والجوع ونقص الأغذية والتمتع بالحريات المدنية والسياسية، أي أن التنمية البشرية المستدامة تؤكد حالتين هما: الأولى: تشكيل القدرات البشرية في مجالات الصحة والتعليم والمعرفة ومستوى الرفاه. الثانية: تمكين البشر من استثمار قدراتهم سواء في أوقات الفراغ أو في الإنتاج أو للمساهمة في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها([xii]).

المطلب الثاني: الاهداف الانمائية للالفيه:
في بداية الالفية اجتمع قادة العالم في الامم المتحدة لوضع رؤية عامة لمكافحة الفقر في ابعاده الكثيرة، وقد ترجمت هذه الرؤية الى ثمانية اهداف انمائية للالفية، وبقيت اطارا انمائيا شاملا للعالم كله خلال السنوات الخمس عشرة الماضية (2000-2015)، وتتمثل بالاتي([xiii]):
1-  القضاء على الفقر المدقع والجوع
2-  تحقيق تعميم التعليم الابتدائي
3-  تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين المراة
4-  تقليل وفيات الاطفال
5-  تحسين الصحة النفاسية
6-  مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الايدز والملاريا وغيرهما من الامراض
7-  كفالة الاستدامة البيئية
8-  اقامة شراكة عالمية من اجل التنمية.
تعتبر الاهداف الانمائية للالفية التي انتجت اكثر الحركات نجاحا للقضاء على الفقر في التاريخ –حسب وصف الامم المتحدة- بمثابة انطلاق لخطة التنمية المستدامة، ونتيجة لاعتماد الاهداف اعلاه انخفض عدد الاشخاص الذين يعيشون الان في فقر مدقع باكثر من النصف، من 1،9 بليون نسمة عام 1990، الى 836 مليونا في عام 2015، وتم تحقيق التكافؤ بين الجنسين في المدارس الابتدائية في معظم البلدان وحققت المراة مكاسب في التمثيل البرلماني على مدى السنوات الـ20 الماضية في ما يقرب من 90 في المائة من البلدان الـ174 التي تتوفر عنها البيانات.
بيد ان التقدم كان متفاوتا عبر المناطق والبلدان، ولا تزال هناك ثغرات كبيرة، وقد تم التخلي عن الملايين من الناس، وخاصة الاكثر فقرا والاقل حظا بسبب نوع الجنس او السن او الاعاقة او العرق او الموقع الجغرافي، وعلاوة على ذلك، يؤثر تغير المناخ حاليا في كل قارة، ويتضرر الاكثر فقرا وضعفا اكثر من غيرهم([xiv]).

المبحث الثاني
مقاصد اهداف التنمية المستدامة 2030 ووسائل تنفيذها
المطلب الاول: مقاصد اهداف التنمية المستدامة2030
اعتمدت الدول الاعضاء في الامم المتحدة الـ193 خطة التنمية المستدامة الجديدة رسميا بعنوان (تحويل عالمنا:خطة التنمية المستدامة لعام 2030) في مؤتمر قمة التنمية المستدامة الذي عقد في مقر الامم المتحدة في ايلول 2015، وتتالف هذه الخطة من 17 هدفا و169 غاية، اذ تهدف الى التشجيع على اتخاذ الاجراءات التي من شانها القضاء على الفقر وبناء عالم اكثر استدامة على مدى السنوات الـ15 المقبلة، وتستند هذه الخطة الى انجازات الاهداف الانمائية للالفية التي اعتمدت في عام 2000 وقادت العمل الانمائي خلال السنوات الـ15 الماضية، ويمكن ادراج اهم هذه الاهداف ومقاصدها قدر تعلق الامر بالعراق* بالاتي([xv]):
1-     القضاء على الفقر بجميع اشكاله في كل مكان:
أ‌-      القضاء على الفقر المدقع للناس أجمعين أينما كانوا بحلول عام 2030، وهو يُقاس حاليا بعدد الأشخاص الذين يعيشون بأقل من 1.25 دولار في اليوم
ب‌-    تخفيض نسبة الرجال والنساء والأطفال من جميع الأعمار الذين يعانون الفقر بجميع أبعاده وفقاً للتعاريف الوطنية بمقدار النصف على الأقل بحلول عام 2030
ت‌-    استحداث نظم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني للجميع ووضع حدود دنيا لها، وتحقيق تغطية صحية واسعة للفقراء والضعفاء بحلول عام 2030
ث‌-    ضمان تمتّع جميع الرجال والنساء، ولا سيما الفقراء والضعفاء منهم، بنفس الحقوق في الحصول على الموارد الاقتصادية، وكذلك حصولهم على الخدمات الأساسية، وعلى حق امتلاك الأراضي والتصرّف فيها وغيره من الحقوق المتعلّقة بأشكال الملكية.
ج‌-     بناء قدرة الفقراء والفئات الضعيفة على الصمود والحد من تعرضها وتأثّرها بالظواهر المتطرفة المتصلة بالمناخ وغيرها من الهزات والكوارث الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بحلول عام 2030.

2-     القضاء على الجوع وتوفير الامن الغذائي والتغذية المحسنة وتعزيز الزراعة المستدامة:
أ‌-      القضاء على الجوع وضمان حصول الجميع، ولا سيما الفقراء والفئات الضعيفة، بمن فيهم الرضّع، على ما يكفيهم من الغذاء المأمون والمغذّي طوال العام بحلول عام 2030
ب‌-    وضع نهاية لجميع أشكال سوء التغذية، بحلول عام 2030، بما في ذلك تحقيق الأهداف المتّفق عليها دوليا بشأن توقّف النمو والهزال لدى الأطفال دون سن الخامسة.
ت‌-    مضاعفة الإنتاجية الزراعية ودخل صغار منتجي الأغذية، ولا سيما النساء وأفراد الشعوب الأصلية والمزارعون الأسريون والرعاة والصيادون، بما في ذلك من خلال ضمان المساواة في حصولهم على الأراضي وعلى موارد الإنتاج ا.
ث‌-    ضمان وجود نظم إنتاج غذائي مستدامة، وتنفيذ ممارسات زراعية متينة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية والمحاصيل، وتساعد على الحفاظ على النظم الإيكولوجية، وتعزز القدرة على التكيّف مع تغير المناخ .
ج‌-     الحفاظ على التنوع الجيني للبذور والنباتات المزروعة والحيوانات الأليفة وما يتصل بها من الأنواع البرية، بما في ذلك من خلال بنوك البذور والنباتات المتنوّعة التي تُدار إدارة سليمة على كل من الصعيد الوطني والإقليمي والدولي.

3-     ضمان تمتع الجميع بانماط عيش صحية وبالرفاهية في جميع الاعمار:
أ‌-      خفض النسبة العالمية للوفيات النفاسية إلى أقل من 70 حالة وفاة لكل 000 100 مولود حي بحلول عام 2030
ب‌-    وضع نهاية لوفيات المواليد والأطفال دون سن الخامسة التي يمكن تفاديها بحلول عام 2030.
ت‌-    وضع نهاية لأوبئة الإيدز والسل والملاريا والأمراض المدارية المهملة ومكافحة الالتهاب الكبدي الوبائي والأمراض المنقولة بالمياه والأمراض المعدية الأخرى.
ث‌-    تخفيض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير المعدية بمقدار الثلث من خلال الوقاية والعلاج وتعزيز الصحة والسلامة العقليتين بحلول عام 2030
ج‌-     تعزيز الوقاية من إساءة استعمال المواد، بما يشمل تعاطي مواد الإدمان وتناول الكحول على نحو يضر بالصحة، وعلاج ذلك
ح‌-     خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور إلى النصف بحلول عام 2020
خ‌-     ضمان حصول الجميع على خدمات رعاية الصحة الجنسية والإنجابية.
د‌-     تحقيق التغطية الصحية الشاملة، بما في ذلك الحماية من المخاطر المالية.
ذ‌-     الحد بدرجة كبيرة من عدد الوفيات والأمراض الناجمة عن التعرّض للمواد الكيميائية الخطرة وتلويث وتلوّث الهواء والماء والتربة .

4-     ضمان التعليم الجيد والمنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع:
أ‌-      ضمان أن يتمتّع جميع البنات والبنين والفتيات والفتيان بتعليم ابتدائي وثانوي مجاني ومنصف وجيّد.
ب‌-    ضمان أن تتاح لجميع البنات والبنين فرص الحصول على نوعية جيدة من النماء والرعاية في مرحلة الطفولة المبكرة والتعليم قبل الابتدائي .
ت‌-    ضمان تكافؤ فرص جميع النساء والرجال في الحصول على التعليم المهني والتعليم العالي الجيّد والميسور التكلفة، بما في ذلك التعليم الجامعي.
ث‌-    الزيادة بنسبة كبيرة في عدد الشباب والكبار الذين تتوافر لديهم المهارات المناسبة.
ج‌-     القضاء على التفاوت بين الجنسين في التعليم وضمان تكافؤ فرص الوصول إلى جميع مستويات التعليم والتدريب المهني للفئات الضعيفة.
ح‌-     ضمان أن يلمّ جميع الشباب ونسبة كبيرة من الكبار، رجالاً ونساء على حد سواء، بالقراءة والكتابة والحساب بحلول عام 2030
خ‌-     ضمان أن يكتسب جميع المتعلّمين المعارف والمهارات اللازمة لدعم التنمية المستدامة.
5-     تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات:
أ‌-      القضاء على جميع أشكال التمييز ضد جميع النساء والفتيات في كل مكان
ب‌-    القضاء على جميع أشكال العنف ضد جميع النساء والفتيات في المجالين العام والخاص.
ت‌-    القضاء على جميع الممارسات الضارة، من قبيل زواج الأطفال والزواج المبكر والزواج القسري، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
ث‌-    الاعتراف بأعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر والعمل المنزلي وتقديرها من خلال توفير الخدمات العامة والبنى التحتية ووضع سياسات الحماية الاجتماعية .
ج‌-     كفالة مشاركة المرأة مشاركة كاملة وفعالة وتكافؤ الفرص المتاحة لها للقيادة على قدم المساواة مع الرجل 
ح‌-     ضمان حصول الجميع على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وعلى الحقوق الإنجابية.
6-     ضمان توافر المياه وخدمات الصرف الصحي للجميع وادارتها ادارة مستدامة
أ - تحقيق هدف حصول الجميع بشكل منصف على مياه الشرب المأمونة والميسورة.
ب- تحقيق هدف حصول الجميع على خدمات الصرف الصحي والنظافة الصحية.
ت- تحسين نوعية المياه عن طريق الحد من التلوث ووقف إلقاء النفايات والمواد الكيميائية الخطرة وتقليل تسرّبها إلى أدنى حد.
ث- زيادة كفاءة استخدام المياه في جميع القطاعات زيادة كبيرة وضمان سحب المياه العذبة وإمداداتها على نحو مستدام من أجل معالجة شح المياه.
ح‌-     تنفيذ الإدارة المتكاملة لموارد المياه على جميع المستويات.
7-     ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة والمستدامة:
أ‌-      ضمان حصول الجميع بتكلفة ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة.
ب‌-    تحقيق زيادة كبيرة في حصة الطاقة المتجددة في مجموعة مصادر الطاقة العالمية.
ت‌-    مضاعفة المعدل العالمي للتحسن في كفاءة استخدام الطاقة.
8-     تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل والمستدام للجميع، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع:
أ‌-      الحفاظ على النمو الاقتصادي الفردي وفقا للظروف الوطنية.
ب‌-    تحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية الاقتصادية من خلال التنويع.
ت‌-    تعزيز السياسات الموجهة نحو التنمية والتي تدعم الأنشطة الإنتاجية، وفرص العمل اللائق.
ث‌-    تحسين الكفاءة في استخدام الموارد العالمية في مجال الاستهلاك والإنتاج، تدريجيا.
ج‌-     تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق لجميع النساء والرجال.
ح‌-     الحد بدرجة كبيرة من نسبة الشباب غير الملتحقين بالعمالة أو التعليم .
خ‌-     حماية حقوق العمل وإيجاد بيئات عمل توفر السلامة والأمن لجميع العمال.
د‌-     وضع وتنفيذ سياسات تهدف إلى تعزيز السياحة المستدامة .
ذ‌-     تعزيز قدرة المؤسسات المالية المحلية على تشجيع إمكانية الحصول على الخدمات المصرفية والتأمين والخدمات المالية للجميع.
9-     اقامة هياكل اساسية وقادرة على الصمود، وتحفيز التصنيع الشامل للجميع، وتشجيع الابتكار:
أ‌-      إقامة بنى تحتية جيدة النوعية وموثوقة ومستدامة وقادرة على الصمود.
ب‌-    تعزيز التصنيع الشامل للجميع والمستدام، وتحقيق زيادة كبيرة بحلول عام 2030.
ت‌-    زيادة فرص حصول المشاريع الصناعية الصغيرة الحجم وسائر المشاريع.
ث‌-    تحسين البنى التحتية وتحديث الصناعات بحلول عام 2030 .
ج‌-     تعزيز البحث العلمي وتحسين القدرات التكنولوجية في القطاعات الصناعية في جميع البلدان، ولا سيما البلدان النامية.
     10-الحد من انعدام المساواة داخل البلدان وفيما بينها:
أ‌-      التوصل تدريجيا إلى تحقيق نمو الدخل ودعم استمرار ذلك النمو لأدنى 40 في المائة من السكان بمعدل أعلى من المعدل المتوسط الوطني .
ب‌-    تمكين وتعزيز الإدماج الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للجميع.
ت‌-    ضمان تكافؤ الفرص والحد من أوجه انعدام المساواة في النتائج.
ث‌-    اعتماد سياسات، ولا سيما السياسات المالية وسياسات الأجور والحماية الاجتماعية، وتحقيق قدر أكبر من المساواة تدريجيا.
ج‌-     تحسين تنظيم ورصد الأسواق والمؤسسات المالية العالمية .
ح‌-     ضمان تعزيز تمثيل البلدان النامية وإسماع صوتها في عملية صنع القرار في المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية العالمية.
خ‌-     تيسير الهجرة وتنقل الأشخاص على نحو منظم وآمن ومنتظم ومتسم بالمسؤولية.
11-جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وامنه وقادرة على الصمود ومستدامة:
أ‌-      ضمان حصول الجميع على مساكن وخدمات أساسية ملائمة وآمنة وميسورة التكلفة.
ب‌-    توفير إمكانية وصول الجميع إلى نظم نقل مأمونة وميسورة التكلفة .
ت‌-    تعزيز التوسع الحضري الشامل للجميع والمستدام.
ث‌-    تعزيز الجهود الرامية إلى حماية وصون التراث الثقافي والطبيعي العالمي.
ج‌-     التقليل إلى درجة كبيرة من عدد الوفيات وعدد الأشخاص المتضررين.
ح‌-     الحد من الأثر البيئي السلبي الفردي للمدن.
خ‌-     توفير سبل استفادة الجميع من مساحات خضراء وأماكن عامة.

12-ضمان وجود انماط استهلاك وانتاج مستدامة:
أ‌-      تنفيذ الإطار العشري لبرامج الاستهلاك والإنتاج المستدامين.
ب‌-    تحقيق الإدارة المستدامة والاستخدام الكفؤ للموارد الطبيعية.
ت‌-    تخفيض نصيب الفرد من النفايات الغذائية العالمية على صعيد أماكن البيع بالتجزئة والمستهلكين بمقدار النصف.
ث‌-    تحقيق الإدارة السليمة بيئيا للمواد الكيميائية والنفايات طوال دورة عمرها.
ج‌-     الحد بدرجة كبيرة من إنتاج النفايات، من خلال المنع والتخفيض وإعادة التدوير وإعادة الاستعمال.
ح‌-     تشجيع الشركات، ولا سيما الشركات الكبيرة وعبر الوطنية، على اعتماد ممارسات مستدامة.
خ‌-     تعزيز ممارسات الشراء العمومي المستدامة، وفقا للسياسات والأولويات الوطنية
د‌-     ضمان أن تتوافر للناس في كل مكان المعلومات ذات الصلة والوعي بالتنمية المستدامة. 
13-اتخاذ اجراءات عاجلة للتصدي لتغير المناخ وآثاره:
أ‌-      تعزيز المرونة والقدرة على الصمود في مواجهة الأخطار المرتبطة بالمناخ والكوارث الطبيعية في جميع البلدان.
ب‌-    إدماج التدابير المتعلقة بتغير المناخ في السياسات والاستراتيجيات والتخطيط على الصعيد الوطني.
ت‌-    تحسين التعليم وإذكاء الوعي والقدرات البشرية والمؤسسية للتخفيف من تغير المناخ، والتكيف معه، والحد من أثره والإنذار المبكر به.

14-   حماية النظم الايكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام وادارة الغابات على نحو مستدام ومكافحة التصحر ووقف تدهور الاراضي وعكس مساره ووقف فقدان التنوع البيولوجي
أ‌-      ضمان حفظ وترميم النظم الإيكولوجية البرية والنظم الإيكولوجية للمياه العذبة الداخلية وخدماتها.
ب‌-    تعزيز تنفيذ الإدارة المستدامة لجميع أنواع الغابات، ووقف إزالة الغابات.
ت- مكافحة التصحر، وترميم الأراضي والتربة المتدهورة.
ت‌-    ضمان حفظ النظم الإيكولوجية الجبلية.
ث‌-    اتخاذ إجراءات عاجلة وهامة للحد من تدهور الموائل الطبيعية، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.
ج‌-     تعزيز التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية.
ح‌-     اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف الصيد غير المشروع للأنواع المحمية من النباتات والحيوانات والاتجار فيها.
خ‌-     اتخاذ تدابير لمنع إدخال الأنواع الغريبة الغازية إلى النظم الإيكولوجية للأراضي والمياه .
د‌-     إدماج قيم النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي في عمليات التخطيط الوطني والمحلي. 
15-   التشجيع على اقامة مجتمعات مسالمة لايهمش فيها احد من اجل تحقبق التنمية المستدامة واتاحة امكانية وصول الجميع الى العدالة وبناء مؤسسات فعالة وخاعة للمساءلة الشاملة للجميع وعلى جميع المستويات:
أ‌-      الحد بدرجة كبيرة من جميع أشكال العنف وما يتصل به من معدلات الوفيات في كل مكان.
ب‌-    إنهاء إساءة المعاملة والاستغلال والاتجار بالبشر وجميع أشكال العنف ضد الأطفال وتعذيبهم.
ت‌-    تعزيز سيادة القانون على الصعيدين الوطني والدولي وضمان تكافؤ فرص وصول الجميع إلى العدالة .
ث‌-    الحد بقدر كبير من التدفقات غير المشروعة للأموال والأسلحة.
ج‌-     الحد بدرجة كبيرة من الفساد والرشوة بجميع أشكالهما
ح‌-     إنشاء مؤسسات فعالة وشفافة وخاضعة للمساءلة على جميع المستويات.
خ‌-     ضمان اتخاذ القرارات على نحو مستجيب للاحتياجات وشامل للجميع وتشاركي وتمثيلي على جميع المستويات.
د. توسيع وتعزيز مشاركة البلدان النامية في مؤسسات الحوكمة العالمية.
ذ- توفير هوية قانونية للجميع.
ذ‌-     كفالة وصول الجمهور إلى المعلومات وحماية الحريات الأساسية.
16-   تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط الشراكة العالمية من اجل تحقيق التنمية المستدامة:
أ‌-      تعزيز تعبئة الموارد المحلية.
ب‌-    قيام البلدان المتقدمة النمو بتنفيذ التزاماتها في مجال المساعدة الإنمائية الرسمية تنفيذاً كاملاً.
ت‌-    حشد موارد مالية إضافية من مصادر متعددة من أجل البلدان النامية.
ج- مساعدة البلدان النامية في تحقيق القدرة على تحمل الديون على المدى الطويل .
ح‌-     اعتماد نظم لتشجيع الاستثمار لأقل البلدان نمواً وتنفيذها.

المطلب الثاني: وسائل تنفيذ اهداف التنمية المستدامة2030
وتم تصنيف وسائل التنفيذ وفق الاتي:
اولا: التكنولوجيا
أ‌-      تعزيز التعاون الإقليمي والدولي بين الشمال والجنوب .
ب‌-    تعزيز تطوير تكنولوجيات سليمة بيئياً ونقلها ونشرها وتعميمها في البلدان النامية بشروط مواتية.
ت‌-    التفعيل الكامل لبنك التكنولوجيا وآلية بناء القدرات في مجالات العلم والتكنولوجيا والابتكار .

ثانيا: بناء القدرات
تعزيز الدعم الدولي لتنفيذ بناء القدرات في البلدان النامية . 
ثالثا: التجارة
أ‌-      إيجاد نظام تجاري متعدد الأطراف عالمي .
ب‌-    زيادة صادرات البلدان النامية زيادةً كبيرةً.
ت‌-    تحقيق التنفيذ المناسب التوقيت لوصول منتجات جميع أقل البلدان نمواً إلى الأسواق بدون رسوم جمركية أو حصص مفروضة.

رابعا: المسائل العامة
أ‌-      تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي على الصعيد العالمي.
ب‌-    تعزيز اتساق السياسات من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
ت‌-    احترام الهامش السياساتي والقيادة الخاصين بكل بلد. 
خامسا: شراكات أصحاب المصلحة المتعددين
أ‌-      تعزيز الشراكة العالمية من أجل تحقيق التنمية المستدامة.
ب‌-    تشجيع وتعزيز الشراكات العامة وبين القطاع العام والقطاع الخاص وشراكات المجتمع المدني الفعالة.

سادسا: البيانات والرصد والمساءلة
أ‌-      تعزيز تقديم الدعم لبناء قدرات البلدان النامية.
ب‌-    الاستفادة من المبادرات القائمة لوضع مقاييس للتقدم المحرز في تحقيق التنمية المستدامة .

المبحث الثالث: التحديات التي تعيق التنمية البشرية المستدامة في العراق
المطلب الاول: الارهاب وعدم الاستقرار الامني:
بالرغم من الدولة العراقية توجهت للتركيز على مجموعة من الاهداف التي اعتبرها المجتمع الدولي من اولوياته التنموية، وقد حقق عدد من الانجازات في هذا المجال، الا ان التحدي الامني والارهابي قد اثر وبشكل كبير على هذا الجهد، فبعد التغيير الحاصل عام 2003 تعرض البلد لسلسة هجمات ارهابية عصفت بالبلد ودمرت معظم البنى التحتية في معظم المحافظات، فضلا عن استهداف العنصر البشري، اذ كانت اهداف هذه العمليات الاجرامية اسقاط اكبر عدد ممكن من الضحايا، وقد صاحب هذه الاعمال ردود افعال طائفية ادت الى عدم الاستقرار الامني، فضلا عن احتلال تنظيم داعش لاجزاء كبيرة من العراق، وحصول موجة نزوح سنذكرها في المطلب اللاحق، وتزامن كل ذلك مع انخفاض اسعار النفط عالميا، والذي يشكل المورد الرئيس للاقتصاد العراقي، خصوصا في السنتين الاخيرتين، مما ادى الى ان يشكل ذلك تحديا كبيرا امام تحقيق اهداف التنمية المستدامة -التي تحتاج الى بيئة امنية مستقرة-، وذلك بسبب نقص الموارد وضعف البنى التحتية، والوضع الامني غير المستقر في بعض المناطق([xvi]).

المطلب الثاني: النزوح والتهجير:
تعرض البلد بعد عام 2003 الى هجمات شرسة من قبل القوى الارهابية استهدفت النسيج الاجتماعي واللحمة الوطنية، وما صاحب تلك الفتره من ردود افعال وصراع داخلي اجبر الالاف الى الهجرة للحفاظ على الارواح او للنزوح الى مناطق اكثر امنا، ولم يشعر العراقيين كثيرا بنعمة الامن والامان حتى بدأت صفحة جديدة من عدم الاستقرار، فقد شهد العراق في عام 2014 اضطرابات وصراعات مستمرة بسبب احتلال تنظيم داعش الارهابي لثلاث محافظات عراقية كبيرة، وهو ماضطر سكانها الى النزوح الى محافظات اقليم كردستان او الى محافظات الوسط والجنوب خوفا من بطش هذا التنظيم بالاهالي.
وقد تضاربت الاحصائيات التي تناولت اعداد النازحين وذلك بسبب تغير الاحوال والظروف وتباين موجات النزوح بين الفينة والاخرى، وقد ذكرة مسوحات الجهاز المركزي للاحصاء، ان اعداد النازحين قد وصلت الى (1،2) مليون ومائتي الف نسمة([xvii])، في حين ذكرت تقارير الامم المتحدة ان الاعداد قد زادت بنسب كبيرة، واخر التقارير التي صدرت في يوم اللاجئ العالمي عن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة بينت ان العراق احتل المرتبة الثالثة عالميا في عدد النازحين داخليا، اذ قدر العدد بـ(4،4) مليون نازح، وياتي بعد كل من كولومبيا بـ(6،9) مليون نازح، وسوريا بـ(6،6) مليون نازح([xviii]).
وتنعكس اثار هذا النزوح على واقع ومستقبل التنمية المستدامة بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال انخفضت نسبة الفقر من (23%) الى (19%) قبل عام 2014، وكان متوقعا ان تصل النسبة الى (15%)، نتيجة التطور الاقتصادي الذي شهده البلد قبل الازمات، الا ان الاحداث الامنية بعد حزيران 2014 ادت الى تراجع مقداره (7،5) نقطه لمستوى الفقر في العراق لتعود النسبة الى ماكانت عليه قبل عام 2012 بمقدار (22،5%)، كما شهدت المناطق التي تاثرت باحتلال تنظيم داعش الارهابي ارتفاع نسب الفقر الى اكثر من (41%)، كما ان فجوة الفقر قد توسعت بشكل كبير في المناطق التي تعرضت لارهاب عصابات داعش اذ ارتفعت الفجوة الى (14،2%) بعد ان كان متوقع ان تكون فجوة الفقر في هذه المناطق (5،3%)([xix]).
ان ما تقدم ادى الى توقف عجلة التنمية في البلاد والتراجع في مسيرة تحقيق الاهداف الانمائية للالفية، كما يشكل تحديا كبيرا في الوقت الحاضر ومستقبلا.

المطلب الثالث: انحسار دور القطاع الحكومي في تطوير وإدارة الاقتصاد:
إن الاقتصاد العراقي كما هو معروف تعرض لنكسات متعاقبة بسبب الحروب التي خاضها البلد والتشوه في بنيته الاقتصادية بسبب السياسات الاقتصادية خاصة في ثمانينات القرن المنصرم، حتى انه عرف في ذلك الوقت بأنه (اقتصاد حرب) وما نجم عن هذه الحرب من دمار وتفويت الفرصة الاقتصادية على العراق للتطور باتجاه مستوى أعلى اقتصاديا والذي كان مقدرا أن يصل إليه لولاها، لتأتي بعد ذلك الضربة القاصمة للاقتصاد ككل بدخول العراق للكويت والعقوبات الدولية التي تلتها حرب الخليج الثانية لتأتي على البنية الاقتصادية التحتية بصورة شبه كاملة لتفاقم مشكلة الاقتصاد التي دون أي شك تركت آثارها- أي المشكلة- على المواطن العراقي.أما بعد احتلال القوات الأمريكية للعراق في نيسان 2003 وإتمام سيطرتها فإنها تركت البني العراقية وخاصة الاقتصادية منها عرضه للسلب والنهب والتلاعب والتدمير بيد السراق والمجرمين دون أي مجال للحماية والدفاع عنها وهذا ما أدى الى انهيار هذه البني ودمارها بشكل كامل، فضلا عن سرقة وتدمير البني المالية كالمصارف والبنوك وسرقة محتوياتها المالية.
وقد كان لإدارة سلطة الائتلاف المؤقتة في العراق وما بعدها من إدارات حكومية أثارا توزعت على مجمل الاقتصاد العراقي من حيث شكل السياسات الاقتصادية التي قامت بها الإدارة الأمريكية لتحاول من خلالها ترسيخ توجهها نحو اقتصاد السوق وإجراء عملية التحول الاقتصادي، اذ تبنت الإدارة الأمريكية التحول بالاقتصاد من التخطيط الاقتصادي الموجه من قبل الدولة الى اقتصاد السوق الحرة والذي تعتمد فلسفته بصورة أساسية على دور القطاع الخاص في إدارة المشروعات الاقتصادية بصورة عامه، إذ يتكفل الأخير بنسبة كبيرة من الإنتاج والاستخدام وله دور كبير ورئيس في تخصيص الموارد وتوجيهها نحو الاستخدامات المختلفة، كذلك له السبق في الابتكار والمبادرة وتوسيع الأسواق وتعزيز العلاقات الاقتصادية في الداخل والخارج، وبذلك فان البلدان التي تعيش حالة التخطيط المركزي أو التنمية الموجهة من قبل الدولة عليها أن تحول اغلب ملكية مشاريعها الى القطاع الخاص لتكون بذلك الآلية الرئيسة لاقتصاد السوق([xx]).
وبقدر تعلق الأمر بالاقتصاد العراقي فانه بعد الاحتلال وتولي السفير (بول بريمر) إدارة سلطة الائتلاف المؤقتة أطلق برنامجه الواسع في الإصلاح الاقتصادي في العراق، إذ أطلق (العلاج بالصدمة) لإجراء الإصلاحات في البني التحتية الاقتصادية العراقية والعمل على خصخصة القطاع العام وفتح الحدود أمام المنتجات الأجنبية وتشريع قانونها الخاص للاستثمار الأجنبي المباشر (والذي بموجبه منح المستثمر الأجنبي إمكانية امتلاك مشروع بنسبة 100%) وغيرها من الإصلاحات([xxi])، وفي السياق ذاته فانه من أهم مقومات السياسة الأمريكية في العراق هو إبعاده عن تحكم الدولة في اقتصادياته وتحويله الى اقتصاد حر من اجل فتح الباب أمام الشركات الكبرى وخاصة الأمريكية منها. وعلى صعيد الحكومات العراقية المتعاقبة فقد استمر النهج نفسه تقريبا مع بقاء دعم الحكومة لبعض البرامج مقابل رفع الدعم أمام الأخرى، وكان ذلك بسبب اشتراطات المؤسسات المالية الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، فقد استمر دعم البطاقة التموينية لأنها تعد حجر الزاوية في توفير السلع الغذائية للشعب العراقي(بالرغم من تذبذبها وعدم توفيرها لكل الحاجات الغذائية) مقابل رفع الدعم عن المشتقات النفطية، مما ولد هذا الوضع تشوهات كبيرة في العمليات الاقتصادية للبلد من خلال عدم اكتساب آليات اقتصاد السوق وتخلخلها وظهور تناقض واضح في آلياتها، فمن ناحية بقية الدولة هي المتصرف الوحيد للتنمية مقابل عجز القطاع الخاص المحلي في توفير احتياجات السوق(4)، ومن ناحية أخرى مطالبة المنظمات المالية الدولية ترك المجال حرا أمام السوق لكي يحدد نمط تنمية ملائم([xxii]).
وتجدر الاشارة الى ان العراق قد عانى وبشكل كبير من ازمة مالية خانقة بعد عام 2014 بسبب الحرب مع عصابات داعش من جهة، وانخفاض اسعار النفط التي تعتمد موازنة الدولة علياه بشكل شبه تام، اذ انخفض البرميل من اعلى مستوى لما يقارب (140) دولار الى (35) دولار وبشكل متفاوت، وهو ما اثر بشكل كبير على الاقتصاد العراقي وكل مفاصل الحياة، وما اضطر الحكومة العراقية الى الذهاب الى المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين، لغرض الاقتراض لسد العجز الكبير في الموازنه، ومن ثم القبول بشروط هذه المؤسسات، وهو ما يحد من توجه الحكومة في حماية المنتجات المحلية ومساعدتها في النهوض ومنافسة المنتج الاجنبي المستورد، والذي تجلى بالعديد من المبادرات التي اطلقت بمنح القروض الصناعية والزراعية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بالتعاون مع البنك المركزي العراقي.

المطلب الرابع: غياب إستراتيجية تنموية عراقية واضحة:
تسببت السياسة الاقتصادية التي أنتهجها النظام الدكتاتوري السابق على تعميق معاناة الشعب، وفشلت السلطات العراقية مرارا في وضع إستراتيجية تنموية شامله لتلبية الاحتياجات الأساسية في ميادين الصحة، التعليم، المياه الصالحة للشرب، الصرف الصحي، والصناعة النفطية. فالنظام الدكتاتوري لم يتصرف بمسؤولية فحسب، بل وظف معاناة الشعب وتدني مستوياته المعيشية للأغراض السياسية([xxiii]).
إن التخطيط للتنمية وإعادة الأعمار ووضع إستراتيجية تنموية شاملة لمعالجة آثار هذه التركة الثقيلة ولتحقيق إصلاحات هيكلية للاقتصاد العراقي، قد اصطدم بمجموعة من الفرضيات والتقديرات القاصرة للأوضاع المستجدة في العراق مما انعكس سلبيا على تنفيذ البرامج والفعاليات المقترحة، فلا جدال في أن هنالك اتفاقا على معظم الأوليات الواجب تنفيذها لإزالة التخلف وإنماء الاقتصاد العراقي ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، إلا أن الخلاف كما يبدو قد انعكس في المقاربة الواجب اعتمادها لبلوغ هذه الغايات. في هذا السياق، كانت هنالك مقاربتان، الأولى المسماة مجازا بالمقاربة الإيديولوجية، وتتركز على اعتبار أن انتهاء الحرب وسقوط النظام السابق قد وفرا الشروط اللازمة والمناخ المطلوب لوضع خطط جذرية لإصلاح الوضع العام وتطبيق وصفات (جاهزة) مستقاة من تجارب مغايرة لبلدان أخرى ولاسيما بلدان أوروبا الشرقية، وهي التي استندت الى استخدام مصطلح (مرحلة ما بعد النزاع)، غير أن تطور الأحداث أبان قصور هذه الرؤيا والتقديرات، اذ تفاقم الصراع الداخلي واتسعت موجة التمرد وأعمال العنف والإرهاب وما اقترن بذلك من نزاعات طائفية. أما المقاربة الثانية فهي الموسومة بالبراغماتية ( الذرائعية أو العملية)، اذ تنطلق من إعطاء تقدير سليم للتطورات الجارية في الواقع الحي وتفهم وملاحظة المتغيرات الجديدة في مرحلة ما بعد سقوط النظام، وهي المقاربة التي تستدعي اعتماد منهج تدريجي في مواجهة الأخطار الجديدة وتطبيق برنامج الإصلاحات، أي إنه يأخذ بنظر الاعتبار أن العراق ما زال يعاني من نزاعات داخلية، ولم تتوافر له بعد أسباب الأمن والاستقرار على نحو يسمح بوضع برامج واقعية وطموحة للتنمية وإعادة الأعمار([xxiv]).
ولايفوتنا الاشارة الى التطورات الكبيرة التي حصلت بعد عام 2014 واحتلال تنظيم داعش الارهابي لعدة محافظات عراقية، وما ترتب على ذلك من عدم الاستقرار الامني في باقي المحافظات فضلا عن بقاء سكان المحافظات المحتلة تحت سيطرة تنظيم ارهابي يستغل موارد تلك المحافظات لاغراض الحرب، وهذا بحد ذاته يعيق اي توجه حكومي لصياغة استراتيجيات تنموية مستدامة يمكن تطبيقها في البلد ككل، وفي المرحلة الراهنة تخوض القوات المسلحة بمختلف صنوفها معارك تحرير هذه المحافظات والتي تكللت بالنصر ولم يتبقى سوى محافظة الموصل والتي من المؤمل ان يتم تحريرها بنهاية 2016.
فالفهم الصحيح للظروف الجديدة في العراق والمتغيرات الناشئة بالارتباط مع سقوط النظام وفرض الاحتلال الأجنبي، كان أمرا في غاية الأهمية من الناحية المنهجية لصياغة البرامج الإنمائية اللاحقة. والواقع أن العديد من هذه البرامج والخطط قد تعثرت أو أنها لم تر النور أبدا بسبب التدهور الأمني وهجمات التخريب، الأمر الذي يؤكد خطأ المراهنة على المقاربة الأولى واعتمادها، إذ كان ينبغي اعتماد منهج تدريجي وبراغماتي يوفر إمكانية تحديد الأولويات على نحو مختلف ويأخذ بنظر الاعتبار التحديات الجديدة والسعي لمواجهتها بأسلوب  فعال، ولاسيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة.
وفي الوقت نفسه، تجدر الاشارة الى تعدد الاستراتيجيات المعتمدة على الصعيد الوطني في قطاعات مختلفة والتي تفتقر في بعض الاحيان الى التنسيق والتكامل في مضامينها والاهداف التي تسعى لتحقيقها، وذلك لعدم اعتماد اهداف مشتركة ومحددة والتي وفرتها الاهداف الجديدة للتنمية المستدامة،

المبحث الرابع
 فرص تحقيق التنمية البشرية المستدامة في العراق
برغم كل التحديات التي تم ذكرها والتي لم يتم ذكرها الا ان ذلك لاينفي وجود فرص حقيقية لتحقيق التنمية المستدامة في العراق، اذا ان المجتمع العراقي مجتمع واع للمشاكل التي تحيط به، كما انه يمتلك الرغبة الهائلة نحو التغيير الهادف الى تحقيق التطور المطلوب، وذلك متزامنا مع وجود رغبة وحرص من الجانب الحكومي على تبني مسؤولية الاشراف والتنفيذ والمتابعة لكل مفاصل تحقيق التنمية المستدامة.
ان نقطة الانطلاق نحو تحقيق التنمية المستدامة في العراق يجب ان ترتكز على عنصر الاستدامة، كما يجب ان تنطلق من العناصر المترابطة الثلاث للتنمية المستدامة التي تبنتها الامم المتحدة وهي : النمو الاقتصادي والادماج الاجتماعي وحماية البيئة([xxv])، وهو ما سيتم التركيز علية في الفرص المتاحة لتحقيق التنمية البشرية المستدامة وكما ياتي:

المطلب الاول: الفرص في الجانب الاقتصادي:
يمكن اجمال الفرص المتاحة او الخيارات التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها بالاتي:
1-                   استثمار التوجهات والاجراءات الحكومية التي انطلقت مع انخفاض اسعار النفط عام 2014 وحصول عجز كبير في الموازنة الاتحادية للدولة، والمتمثلة بتقليل النفقات وزيادة الواردات، وتشجيع القطاع الخاص بما يحقق انتقال صحيح من اقتصاد حكومي مركزي مخطط هو حاضنة لانتاج الاستيراد والثقافات الابوية الى اقتصاد ليبرالي تمارس فيه المبادرات الفردية والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني دورا كبيرا، مع مراعات التدريج في الانتقال، اذ انه لايمكن الاستغناء عن دور الدولة في تطبيع الحياة العامة ومواجهة التحديات الامنية والاقتصادية في المرحلة الحالية وحاجات المستقبل القريب والمتوسط في ابعد الاحوال، وبعد ذلك من الممكن الاستغناء ع دور الدولة الفاعل بصورة تدريجية لاتعود بالضرر على حياة المواطن العراقي.
2-                   استكمال الخطوات التي تتبناها الحكومة حاليا في برنامجها الحكومي وفي الاستراتيجيات المفعلة والمتمثلة بالسعي لانتشال الاقتصاد العراقي من مأزق الريعية، والسير بخطوات جادة نحو تنويعه، وذلك لغرض تامين الموارد النقدية الضرورية لتمويل المتطلبات التنموية، وهذه العملية بمجملها تتطلب جهود كبيرة وتستغرق مدة زمنية طويلة لجني الثمار، وذلك يتم من خلال تدعيم المبادرات التي اطلقتها الحكومة وكذلك البنك المركزي العراقي في مجال القطاع الصناعي والصناعات التحويلية وتشجيع المشاريع الصغيرة والمتوسطة ودعمها بالقروض، فضلا عن المبادرة الزراعية وقطاع الاسكان، وهي خطوات صحيحة نحو تحقيق التوازن بين بنية الاقتصاد والمجتمع.
3-                   الاستمرار في تبني سياسة استثمارية واضحة وعقلانية تشجع جميع الاطراف المحلية والاجنبية، والتركيز على استكمال متطلبات البنى التحتية لتامين القاعدة الاساسية للاقتصاد العراقي.
4-                   المضي بتحفيز وتشجيع القطاع الخاص للقيام بدور جديد وفاعل في الاقتصاد العراقي، وذلك لتلبية متطلبات تغيير البيئة الاقتصادية المشوهة الاحادية الجانب وبهدف قيام اقتصاد متوازن، اذ ان تنمية القطاع الخاص ترتبط اولا بتعزيز بيئة الاستثمار والسعي لتنويع الاقتصاد وتطوير سوق العمل والتوجه الجاد نحو حل معضلة البطالة.
5-                   استكمال واستدامة الخطوات المتعلقة بتخفيف الفقر والقضاء عليه من خلال الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر، وتزامن ذلك مع ضرورة تبني استراتيجية تلائم الواقع العراقي تستهدف القضاء على مشكلة البطالة، في ظل المتغرات والظروف التي يعيشها البلد مع الحرص الشديد على جدية الوسائل والاهداف اولا، وتوفر الارادة السياسية والاجتماعية و الاقتصادية ثانيا([xxvi]).
6-                   المطلب الثاني: الفرص في الجانب الامني والسياسي والاجتماعي :
7-                   يمكن اجمال الفرص المتاحة او الخيارات التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها بالاتي:
8-                   استثمار الانجازات الامنية المتمثلة بتحرير المحافظات التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش الارهابي، واخرها الموصل التي تخوض القوات المسلحة بمختلف صنوفها معركتها التاريخية لتحرير ماتبقى من ارض الوطن، من خلال اعادة الامن لهذه المناطق وبناء السلم المجتمعي وتحقيق الاستقرار الذي يقود الى تحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
9-                   استكمال عملية بناء المؤسسات الامنية والاستخبارية والعسكرية والاستفادة من التجارب الخاطئة السابقة لغرض تلافيها مستقبلا، سيما بعد استعادت الجيش لهيبته بعد الانتصارات المتحققه في معارك التحرير، لان هذه المؤسسات تمثل ضرورة لابد منها لتامين النظام في الدولة ككل، فلا تنمية بدون امن واستقرار.
10-              تعزيز السياسات والبرامج التي تتبناها الحكومة والتي تهدف الى ضمان حقوق الانسان، كون العلاقة ترابطية بين تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق واحترام حقوق الانسان([xxvii]).
11-              الاهتمام الحقيقي ببرامج شبكات الحماية من خلال اعادة هيكلة نظام الحماية الاجتماعي القائم الذي لابد له ان يتضمن نظام للضمان الاجتماعي والتامينات الاجتماعية وشبكات الامان الاجتماعي، ان هذه العملية بحد ذاتها تستدعي تجريد البرامج المذكورة من كافة الاخطاء المصاحبة للتنفيذ من خلال زيادة التخصيصات المالية لها، وتهيئة الكوادر الادارية والوظيفية التي تمتلك درجة عالية من الكفاءة والامانة، وحصر واستيعاب اعداد المستحقين بهذه البرامج، واستبعاد الاشخاص غير المستحقين، والقضاء على حالات الغش والتلاعب، والوصول الى المناطق التي طالها الفقر ومحاولة انتشالها قدر المستطاع..الخ.
12-              تثقيف المواطن وتوعيته عن طريق الندوات والمؤتمرات ووسائل الاعلام وتفعيل دور منظمات المجتمع المدني، والتركيز على ثقافة محاربة كل انواع الفساد الاداري والمالي، باعتباره اهم الاسباب التي تقف وراء الهدر والضياع للموارد والتخصيصات المالية التي يمكن استغلالها في تمويل القنوات التنموية.

المطلب الثالث: الفرص في الجانب البيئي:
يمكن اجمال الفرص المتاحة او الخيارات التي يمكن الاستفادة منها وتطبيقها بالاتي:
1-  تحقيق الاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية واستصلاح الاراضي الزراعية عن طريق تخصيص الموارد اللازمة لذلك، فضلا عن اعتماد الاساليب الزراعية الملائمة واستدامة الانجازات المتحققة من المبادرة الزراعية التي تم تبنيها في الاعوام السابقة، فضلا عن تطويرها مستقبلا([xxviii]).
2-                   في اطار الاهتمام بتطوير ادارة النفايات الصلبة وخصوصا في مراكز المحافظات، لابد من اشراك القطاع الخاص في هذه المهمة عن طريق شركات متخصصة يشترط في عملها الالتزام بالاشتراطات البيئية الصحية.
3-                   التركيز على ان تضطلع السياسات والخطط والتنظيمات الحضرية بدور مركزي في اي استراتيجية وطنية لتشجيع التنمية المستدامة، كما ان حكومات المدن والبلديات يجب ان تكون اطرافا فاعلة في اي استراتيجية يؤمل لها النجاح.
4-                   التشديد على ضرورة تطبيق طرق وتقنيات حديثة لمعالجة الآثار البيئية السلبية الناجمة عن انتاج النفط وتلافيها قدر المستطاع.
5-                   الاهتمام الجاد بمشكلة التصحر ومشكلة ندرة المياه ومشكلة توفير الطاقة الكهربائية، وهذه العملية تتطلب الاستعانة بالخبرات والمهارات المحلية والاجنبية فضلا عن التخصيصات المالية لمعالجة التردي الواضح في هذه الجوانب الثلاث([xxix]).
6-                   الاستمرار بالاجراءات والخطوات الحالية الرامية الى حل مشكلة السكن، وبناء المجمعات السكنية في الحضر والريف، وزيادة التخصيصات المالية لمنح القروض الخاصة بالاسكان، فضلا عن تشجيع الاستثمار في هذا القطاع([xxx]).
7-                   وضع سياسة بيئية تستند للمسوح والاستبيانات والرجوع الى التقارير البيئية في الدوائر المتخصصة في المحافظات من خلال دراسة الواقع البيئي وكيفية تنفيذ الخطط والمراقبة مع الاستعانة بالخبراء والوزارات الاخرى وفقا لعملية يخطط لها مسبقا.
8-                   تفعيل العمل بمنظومة التشريعات والقوانين الخاصة بحماية البيئة السابقة، والاستمرار بسن تشريعات تحافظ وتحمي البيئة، ومنها قانون (3) لعام 1997، وقانون الصحة والسلامة رقم (74) وقانون الشروط العامة الخاصة بالمقاولات الهندسية والمدنية([xxxi]).
9-                   الاستفادة من تجارب الدول الاخرى مي معالجة المشاكل البيئية.
10-              الاستفادة من المؤسسات العلمية العالمية من خلال اجراء البحوث المشتركة واتاحة الفرصة للباحثين العراقيين للاشتراك بالمؤتمرات العلمية العالمية التي تختص بمشاكل البيئة.

الخاتمة
من خلال مواكبة مسيرة مفهوم التنمية البشرية المستدامة منذ بداية ظهوره الى تطوره من مفهوم اقتصادي بحت الى مفهوم اشمل واعمق، وتزامن ذلك مع تبني الامم المتحدة مع مطلع القرن الحادي والعشرين لاهداف الالفية الانمائية، ومن ثم تحقيق انجازات لايستهان بها خلال الـ15 عام الاولى من هذا القرن، وقرار الغالبية العظمى من الدول الاعضاء في المنظمة الدولية على المضي والاستمرار بوضع اهداف اكثر واشمل واعمق، وترابط هذه الاهداف وعدم اقتصارها على الدول الناميه لغاية 2030، تضح لنا اهمية هذا المفهوم بالاطار العام.
وقدر تعلق الامر بالعراق فانه حمل تركه ثقيله من اواخر القرن الماضي، فضلا عن الاحداث التي تتعلق بتغيير النظام واحداث العنف والارهاب وعدم الاستقرار الامني والتحديات والمشاكل الاقتصادية التي مر بها، ومن ثم احتلال اجزاء كبيره من اراضيه من قبل تنظيم داعش الارهابي، وهو ما عوق وقوض الجهود المبذولة لتحقيق التنمية المستدامة فيه.
الا ان ماتقدم لاينفي ان العراق قد خطى خطوات حقيقية وجدية في طريق تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق اهداف الالفية، وتشير الامؤشرات والبيانات الى تحقيق انجازات لايستهان بها، لكن الظروف الامنية اعاقت هذا التحسن، وفي الوقت نفسه، اوجدت الخطوات السابقه فرصا وخيارات جيدة يمكن لصانع القرار الاستفادة منها واستثمارها وتوظيفها في المستقبل القريب والمتوسط والبعيد، من خلال تبني الاهداف الانمائية الجديدة، وكذلك تبني منهج براغماتي عملي يوائم الظروف الحالية والمشاكل المصاعب التي يمر فيها البلد، بغية تحقيق النتائج المثلى.
م.د رياض مهدي عبد الكاظم/جامعة واسط/ م.د عصام اسعد محسن/جامعة النهرين/ بحث منشور في المؤتمر العلمي الاول(اهداف التنمية المستدامة 2030-خارطة طريق في اطار تنموي مستدام)
الذي عقدته وزارة التخطيط العراقية، بتاريخ 24/12/2016


[i]- رعد سامي التميمي، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، ط1، عمان، 2007، ص32.
[ii]- مما تجدر الإشارة إليه في هذا الصدد هو أن هنالك جدلا حاصلا بين المفكرين الاقتصاديين حول دور كل من الدولة والسوق في تحقيق المزايا الاقتصادية لقطاع التنمية البشرية لاسيما وان هنالك العديد من الآراء  والأفكار لبعض المفكرين تشير الى أن السوق وحدها ليست منضبطة من تلقاء نفسها ومن ثم فمن الضروري وجود قوى تنظيمية من خارج السوق تقوم على بناء رأس المال الاجتماعي، ولمزيد من التفاصيل حول هذه الآراء والأفكار انظر، فرانسيس فوكوياما، التصدع العظيم الفطرة الإنسانية وإعادة تشكيل النظام الاجتماعي، ترجمة عزة حسين كبة، بغداد، بيت الحكمة، ط1، 2004.
[iii]- إن موضوع سياسات التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي يعد احد ابرز ركائز النظام الرأسمالي واهم المبادئ التي تنادي بها العولمة، ولمزيد من التفاصيل حول هذه السياسات واليات عملها انظر سالم توفيق النجفي، سياسات التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي وأثرها في التكامل الاقتصادي العربي، ط1، بغداد، بيت الحكمة، 2002.
[iv]- رعد سامي التميمي، التنمية البشرية المستدامة في البلدان العربية-دراسة في الانعكاسات السياسية-، مجلة دراسات عراقية، العدد6، بغداد، مركز العراق للبحوث والدراسات الإستراتيجية، 2006،ص151.
[v]- قاسم محمد عبد الدليمي، الديمقراطية والتنمية المستدامة في الوطن العربي-دراسة في التحديات الداخلية والدولية-، مجلة قضايا سياسية، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد، العدد 11، 2006، ص130.
[vi] - نقلا عن عبد القادر محمد عبد القادر، قضايا اقتصادية معاصرة، مصر، جامعة الاسكندرية، كلية التجارة، 2005، ص205.
[vii]- نقلا عن ، منير الحمش، مقاربة الواقع العربي في ضوء العلاقة بين التنمية والاستقرار، المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بروت، العدد 353، 2008، ص19.
[viii]- تقرير التنمية البشرية لعام 1993، نيويورك، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، 1993، ص3.
[ix]- رواء زكي الطويل، التنمية البشرية وحقوق الإنسان، بحث مقدم الى ندوة حقوق الإنسان في المجتمع العربي، عمان، جامعة مؤتة، 2005، ص12.
[x]- عبد الخالق عبد الله، البعد السياسي للتنمية البشرية، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، العدد 290، 2003، ص93.
[xi]- وفيق حلمي الاغا وملاذ عبد الرحيم الاغا، مستقبل التنمية البشرية وحقوق الإنسان في قطاع غزة في ظل المرحلة المقبلة، بحث منشور في ندوة حقوق الإنسان في المجتمع العربي، عمان، جامعة مؤتة، 2005، ص13.
[xii]- احمد جاسم جبار ورائد صياد علي، التنمية المستدامة والبيئة في العراق، الواقع والتحديات والمعالجات، مجلة الادارة والاقتصاد، السنة 35، العدد 93، 2012،ص365.
[xiii] - United Nations, Investing in Development: A Practical Plan to Achieve the Millennium Development Goals, Report ,New York, 2005, p.p 12-13.
[xiv] - United Nations, The Millennium Development Goals in 2015, Report, New York, 2015, p.p 4-10. 
* هنالك بعض الاهداف والمقاصد الوارده في تقرير الالفية ليس لها اثر مباشر على العراق لذلك ارتأينا تناول الاهداف التي تتداخل بشكل مباشر مع الوضع العراقي.
[xv] - United Nations, Sustainable Development Goals; 17 Goals to Transform Our World, New York, 2015, p,p 4-5
[xvi] - تقرير الاهداف التنموية للالفية في العراق لسنة 2014 ونظرة لما بعد عام 2015، وزارة التخطيط ، الجهاز المركزي للاحصاء، قسم احصاءات التنمية المستدامة، 2016، ص1، ص2
[xvii] - لمزيد من التفاصيل ينظر الموقع الرسمي للجهاز المركزي للاحصاء التابع لوزارة التخطيط العراقية على الرابط الاتي:
[xviii] - Global Trends report, the High Commissioner for Refugees (UNHCR), United Nations, New York .2016, p5.
[xix] - تقرير الاهداف التنموية للالفية في العراق لسنة 2014 ونظرة لما بعد عام 2015، مصدر سبق ذكره، ص9.
[xx] هشام ياس شعلان، آليات التحول من نظام التخطيط المركزي الى نظام اقتصاد السوق، بغداد، دار الشؤون الثقافية، وزارة الثقافة، 2004، ص98.
[xxi] انظر، وجدان فالح حسن، مصدر سبق ذكره، ص232.
[xxii] سالم توفيق النجفي، مستقبل التنمية في العراق، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، عدد317، 2004،ص97.
[xxiii] التنمية المستدامة في العراق الحديث، مقال منشور على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت.
[xxiv] - مهدي الحافظ، التنمية المستدامة في ظل الصراع الدائر في العراق، جريدة الصباح، على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت. www.alsabaah.com                                                                                      
[xxv] - United Nations, Sustainable Development Goals, Pocit, p2.
[xxvi] - لمزيد من التفاصيل انظر، الاستراتيجية الوطنية للتخفيف من الفقر، منشورة على الموقع الرسمي للجهاز المركزي للحصاء على الرابط: http://www.cosit.gov.iq/en/
[xxvii] - رعد سامي التميمي، العولمة والتنمية البشرية، مصدر سبق ذكره، ص36.
[xxviii] - اطلقت الحكومة في العام 2008 مبادرة زراعية شاملة للنهوض بالقطاع الزراعي في العراق تمهيدا لتحقيق الاكتفاء الذاتي، ولمزيد من التفاصيل ينظر الموقع الرسمي للمبادرة: http://www.mobadara.iq/ 
[xxix] - حنان عبد الخضر هاشم، واقع ومتطلبات التنمية المستدامة في العراق، ارث الماضي وضرورات المستقبل، بحث منشور في مجلة مركز دراسات الكوفة، العدد 21، 2011، ص، ص 35-36، على الرابط الاتي:
[xxx] - من هذه الاجراءات تاسيس صندوق الاسكان العراقي الذي يعد اكبر جهة تمويل عقارية في اعراق، بقانون سمي قانون صندوق الاسكان المرقم (32) لسنة 2011، وكذلك قروض الاسكان التي اطلقها البنك المركزي العراقي ضمن مبادرته لعام 2016.
[xxxi] - قانون (3) لسنة 1997، وقانون الصحة والسلامة رقم (74).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق