الأحد، 29 يناير 2017

دور الارادة السياسية في مكافحة الفساد –دراسة حالة العراق-

المقدمة:
تعاني معظم البلدان في العالم من مخاطر الفساد بشتى انواعه، وخاصة الدول التي تشهد تحولا في النظام السياسي للبلد، وعلى وجه الخصوص الانتقال من النظام الشمولي الى النظام الديمقراطي، وبما ان العراق واحدا من تلك الدول لذا فان مشكلة الفساد وما تثيره من اشكالات سياسية وقانونية واقتصادية ترمي بظلالها على نظام البلد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
وبما ان الارادة السياسية اصبحت تمثل متغيرا يحتل مركز الصدارة في اهتمامات الانظمة السياسية، لذا فقد تزايد الاهتمام بدراسة الارادة السياسية كونها تمثل الحل الامثل والطريق المضمون الذي من خلاله تستطيع الدولة توحيد الجهود وتكثيفها بما يؤمن تجاوز المشاكل ومالمخاطر التي تهدد مصير النظام الديمقراطي للبلد، سيما وان اخطر الافات التي تهدد هذا البناء هو افة الفساد.
واذا ما توفرت الارادة السياسية لمكافحة الفساد والقضاء عليه، فان هذه الارادة تحتاج الى بيئة مؤاتية تمنح القوة والدعم لكل برامج وسياسات واستراتيجيات مكافحة الفساد، من خلال وجود سلطة تشريعية وسلطة قضائية فاعله، وكذلك مؤسسات رقابية مهنية، مع الدعم الذي توفره الرقابة الشعبيه، وتفاعل منظمات المجتمع المدني مع الحراك الموجه لمكافحة الفساد، وتزامن ذلك مع دور فاعل وقوي لوسائل الاعلام.
وقد تناول البحث تفاصيل ما تقدم ذكره في ثنايا مبحثيه الاول والثاني، كما وتناول المبحث الثالث العراق كدراسة حالة، وما وفرته الارادة السياسية الحالية من جهود لمكافحة الفساد على صعيد السلطات التشريعيه والتنفيذية والقضائية، والمؤسسات الغير رسمية كالاعلام ومنمات المجتمع المدني، ووسائل الاعلام، فضلا عن الدعم الدولي، حيث تم تشخيص نقاط الضعف ونقاط القوة ما تم تحقيقه من تقدم في مجال مكافحة الفساد.

104
المبحث الاول: التاصيل النظري لمفهوم الارادة السياسية ومفهوم الفساد:
في هذا المبحث سوف يتم التطرق الى تحديد المقصود من مفهوم الارادة السياسية ومفهوم الفساد لغة واصطلاحا، ثم التعرف على انواع الفساد واشكاله، ومن ثم يتم طرح عدد من الآليات لمكافحته وكما ياتي:
المطلب الاول: مفهوم الارادة السياسية:
اولا: تعريف الارادة السياسية:
لاشك في أن المدخل العلمي الصحيح إلى التعريف بالارادة السياسية، إنما يكمن بداية في بيان المقصود بالارادة، وعليه فمن المفيد أن يتم البدأ بتعريف الارادة ،ثم يعقب ذلك ببيان المقصود بمفهوم الارادة السياسية.
ففي اللغة تاتي مفردة الارادة من أرادَ، يُريد، فهو مُريد، والمفعول مُراد، و أراد الشَّيءَ، تمنَّاه، طَلبه وأحبَّه ورغِب فيه، يقول تعالى في كتابة العزيز ( إِنْ أُرِيدُ إِلاّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ)([i])، وإرادة، مصدر أرادَ، وهي تعني تصميم واع على اداء فعل معين، ومن له ارادة تكون له القوَّة، ولا رأي لمن لا ارادة له، وقوة الارادة، المثابرة على القيام بعمل ما برغم العوائق والمصاعب التي تعترض القائم بهذا العمل([ii]).
أما في الاصطلاح، فتاتي الإرادة على أن تريد الشيء وترغب فيه، وهي وظيفة العقل الذي يميز الإنسان عن سائر الحيوانات، كما أنها باعث باطني عند الإنسان، يتولد من رؤية الشيء
105
 الحسن كما يتولد الميل إلى الرائحة الزكية، والنفور من النتن، فالإرادة هي اختيار العقل، ويعرف آخرون الإرادة على أنها: قدرة المرء على اتخاذ القرار، وبخاصة في القضايا المصيرية، أو على الاختيار بين مختلف البدائل([iii]).
وتعرف الارادة على انها مشيئة الامة الساعية للارتقاء بقدرة الدولة عبر استثمار عناصر القوة المادية بشكل سليم وبما يخدم الاهداف الاستراتيجية للدولة الامر الذي يؤكد اثر الارادة المهم في قدرة الدولة([iv]).
ويظهر الترابط بوضوح اكثر بين الارادة والقدرة، كون الارادة تمثل الحالة التي تسبق القدرة وتولد الرغبة في العقل، وبين القدرة التي تمثل العمل، ويعكس حالة الترابط بين الارادة والقدرة التكامل بين الاستراتيجية التي تتضمن الاهداف العليا للدولة وبين الارادة التي تعبر عن المصالح الوطنية، بذلك تكون الارادة جوهر الفعل الحقيقي، فهي تعكس مكمن القدرة وتاثيرها، ذلك ان الامكانات والموارد المتاحة للدولة لا تؤكد قدرتها الا في ظل ارادة واعية محركة لها([v]).
اما الارادة السياسية فتعني فيما تعنيه، البيئة السياسية التطبيقية والرغبة الصادقة لدى المسؤولين في مواجهة قضية معينة، باستئصال أسبابها ومسبباتها وتصفية الآثار المترتبة عليها([vi]).
كما تعرف الارادة السياسية ايضا على انها التزام الأطراف السياسية الفاعلة على اتخاذ إجراءات محددة لتحقيق مجموعة من الأهداف. وفي موضوع مكافحة الفساد ومنعه، تعرف
106
 الارادة السياسية على (انها النية الظاهرة والموثوق بها للفاعلين السياسيين (القادة المنتخبون او المعينون، ورقباء المجتمع المدني، والفئات ذات المصلحة وما الى ذلك) في التصدي للاسباب او الاثار الملموسة للفساد على المستوى الشامل)([vii]).
ثانيا: مقومات الارادة السياسية:
تواجه الارادة السياسية ومقوماتها تحديين مترابطين:
1- وهو تحديد مالمؤشرات التي يمكن أن توفر أساس يمكن الاعتماد عليه للاستدلال بوجود إرادة سياسية لمكافحة الفساد، والبحث عن مؤشرات الإرادة السياسية غالبا ما يبدأ مع التركيز على الخطب و التصريحات العلنية لكبار المسؤولين، وتبني الدولة ومؤسساتها لبرامج واستراتيجيات تعنى بمكافحة الفساد، مرورا  بالتشريعات الوطنية التي تخص مكافحة الفساد، وكذلك التصديق على المواثيق أو المعاهدات الدولية (على سبيل المثال، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد- UNCAC). مثل هذه التصريحات وحدها هي إشارات كافية على وجود الإرادة السياسية، وعلى العكس من ذلك غالبا ما يتم تفسير التقاعس عن العمل بالمؤشرات السابقه كدليل على غياب الإرادة السياسية([viii]).
2- وهو التمييز بين الإرادة والقدرة ، اذ ان العلاقة ما بین الارادة والقدرة تؤكد على ضرورة توافر ثلاثة عناصر تعد مقومات أساسیة لبناء الارادة:
-       ضرورة وجود نخبة حاكمة تحرك وتوجه عملیات التحدیث.
-       عقیدة سیاسیة تعطي السلطة وبرامجها صفة المشروعیة.
-       سلسلة من الأدوات التي تمكن الدولة بأن تقوم بتنفیذ برامجها.
107
ومن خلال تحدید هذه المقومات یبرز لنا اثر الدولة المركزي في بناء الا ا ردة خصوصا في البلدان النامیة، اذ يجب ان  تأخذ على عاتقها مهمة تنظیم عملیة بناء الا ا ردة وتوحید جهودها نحو بناء القدرة([ix]).
وهنا تجدر الاشارة الى ان توفر الارادة السياسية لا يعني بالضرورة توفر القدرة على مكافحة الفساد، اذا في كثير من الاحيان تتوفر الرغبة لدى الدول والحكومات في مكافحة الفساد وتعول كثيرا على برامجها واستراتيجياتها في هذا المجال الا انها لا تمتلك الوسائل لتحقيق تقدم ملموس، والموضع غير مرتبط بالامكانات المادية فقط، اذ ان برامج مكافحة الفساد تتطلب مهارات جديدة وآليات واجراءات حديثة، وهو ما يتطلب من الاستمرار باجراء اصلاحات مستدامه وبناء تحالفات مشتركة بين القطاعات المختلفة- القطاع العام، القطاع الخاص، المجتمع المدني، الخ-، وكذلك التواصل مع المجتمع الدولي والمنظمات المختصه في مجال مكافحة الفساد لغرض الدعم التقني والفني لكي تستكمل متطلبات القدرة، والتي بدورها ستكون رافد للارادة السياسية وعامل قوة ودعم ومصداقية([x]).
المطلب الثاني: مفهوم الفساد و انواعه :
اولا: مفهوم الفساد:
لم تعرف الإنسانية تاريخاً محدداً لنشوء ظاهرة الفساد إذ انه قديم قدم التاريخ اذ عرفه الإنسان منذ بداية الخليقة، ولا زال يكتشف في كل يوم شكل جديد ونوع جديد منه، وقد ساهمت تعقيدات الحياة في زيادته وتعدد صوره التي تلقي بظلالها السيئة على المجتمعات([xi])، وتعد ظاهرة الفساد ظاهرة عالمية شديدة الانتشار ذات جذور عميقة تأخذ ابعاداً واسعة تتداخل فيها
108
 عوامل مختلفة يصعب التمييز بينها، وتختلف درجة شموليتها من مجتمع إلى آخر، إذ حظيت ظاهرة الفساد في الآونة الأخيرة باهتمام الباحثين في مختلف الاختصاصات كالاقتصاد والقانون وعلم السياسة والاجتماع([xii]).
وتتنوع التعريفات الخاصة بمفهوم الفساد ، فقد عرف الفساد في اللغة بانه ( العطب)، وياتي من الفعل فسد، وهو بمعنى اعطب، فهو كل سلوك اوحالة تتضمن معاني الخلل والتلف والضرر([xiii])، والاستفساد خلاف الاستصلاح والمفسدة خلاف المصلحة([xiv])، فهو الانحلال والبلى والتلف وخلاف الصلاح([xv])، وهو نفس المعنى في اللغة الانكليزية لكلمة (corruption) التي تعني التلف وتدهور التكامل والفضيله ومبادئ الاخلاق والرشوة ايضا([xvi]).
اما اصطلاحا  فيرى البعض بان الفساد هو (خروج عن القوانين والأنظمة (عدم الالتزام بهما)، أو استغلال غيابهما، من اجل تحقيق مصالح  سياسية أو اقتصادية مالية وتجارية، أو اجتماعية لصالح الفرد أو لصالح جماعة معينة للفرد مصالح شخصية معها)([xvii])، في حين أن منظمة الشفافية الدولية تعرف الفساد على انه (سوء استخدام السلطة العامة لربح أو منفعة خاصة، أو انه عمل ضد الوظيفة العامة التي هي ثقة عامة)([xviii]). أما البنك الدولي فانه يعرف
109
 الفساد بأنه (استعمال الوظيفة العامة للكسب الشخصي)([xix])، في حين أن صندوق النقد الدولي يذهب بمفهوم الفساد بالقول بأنه(علاقة الأيدي الطويلة المتعمدة التي تهدف باستنتاج الفوائد من هذا السلوك، لشخص واحد، أو لمجموعة ذات علاقة من الأفراد)([xx]).
اما اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2003 فقد عرفت الفساد بكل صوره وحالاته بأنه (الرشوة بكل وجوهها في القطاعين العام والخاص، والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، والأثراء غير المشروع، وغسل العائدات الإجرامية، وإخفاء الممتلكات المتأتية عن جرائم الفساد)([xxi]).
ثانيا: انواع الفساد واشكاله:
 يكاد يتفق علماء الاقتصاد والاجتماع السياسي والقانون على تقسيم الفساد من حيث الخطورة الى درجتين وهما الفساد الصغير(Petty Corruption) والفساد الكبير(Grand Corruption)، وذلك استنادا الى معايير معينة اهمها صفة الفاعل وجسامة الاثر.
ا-: الفساد الصغير او الفساد الاداري: ويشمل آلية دفع الرشوة والعمولة، وآلية وضع اليد على المال العام والحصول على مواقع للأقارب. وعادة ما يحصل في مستويات الادارة العامة المكلفه بتنفيذ السياسات، ويتصف بالعلاقة المباشرة بين الجمهور وبين الموظف الحكومي ويتضمن غالبا تبادل مبالغ صغيرة من المال او منح افضليات محدودة من جانب اصحاب المراكز الثانوية، ويواجه الناس هذا النوع من الفساد ويمارسونه اما بارادتهم او رغما عنهم كونه في حالات كثيرة يمثل الوسيلة الوحيدة امامهم للحصول على حقوقهم او تمشية مصالحهم مشروعه كانت ام غير مشروعه، وهو يحصل عادة في المؤسسات ذات الصله المباشرة بتقديم
110
 الخدمات للناس مثل (المستشفيات، مراكز الشرطة، الضرائب الخ)، والواقع ان هذا النوع من الفساد وان كان يمثل الحجم الاكبر للممارسات الفسادة في الجهاز الحكومي الا انه لا يرقى الى درجة خطورة النوع الثاني من الفساد وهو الفساد الكبير([xxii]).   
ب - الفساد الكبير:  يحصل هذا النوع من الفساد في المستويات المكلفة بصياغ السياسات العامة، وهو لا يشير الى جمع الاموال الداخلة في التعاملات الفاسدة بقدر ما يشير الى المستويات التي يحتلها من يمارس هذا النوع من الفساد، فالفساد الكبير مجاله هو المستويات العليا من السلطة العامة حيث تصاغ السياسات والقواعد وهو يقترن غالبا وليس دائما بالفساد السياسي، ويشمل صفقات السلاح والتوكيلات التجارية للشركات متعددة الجنسية وغيرها ([xxiii]).
ج- الفساد العارض والفساد المنظم: خلافا للفساد العارض فان الفساد المنظم يحصل عندما يصبح الفساد جزءا من النظام الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتتوفر له الحماية من قبل المؤسسات التي اصبح جزءا منها، وهذا النوع من الفساد لا يمثل نوعا متميزا من الفساد بقدر كونه حالة تسود فيها الممارسات الفاسدة في المؤسسات الرئيسة في الدولة وتمارس بشكل طبيعي من قبل الجماعات والافراد، فلا يكون امام اغلب الناس من بديل سوى اللجوء الى الموظفين الفاسدين.
والواقع ان كل من نوعي الفساد يمكن ان يتحول في ظروف معينة الى فساد ممنهج ولكن الضرر الاكبر انما ينجم عن حالات الفساد الكبير برغم التفاوت بين حجم الظاهرتين، لان الفساد الكبير يتعلق دائما بمعاملات ذات حجم كبير وتؤثر سلبا على الاطار القانوني والتنظيمي للدولة وسياساتها بصفه عامة، وذلك لصالح تحقيق منافع شخصية محدودة بفرد او جماعة
111

معينه، هذا بينما يتعلق الفساد الصغير بممارسات المستويات الوظيفية الدنيا وتتسم بضآلة المبالغ موضوع الحديث([xxiv]).
ومما تقدم يمكن القول أن الفساد هو عكس الاستقامة والنزاهة والإيجابية والبناء، وهو ممارسة وسلوك لتغليب المنفعة الشخصية على المنفعة العامة واستغلال المصلحة العامة لتحقيق المنافع الشخصية دون النظر إلى المنفعة العامة، كما أنه سوء سلوك ذاتي ينعكس على الآخرين وما قد يجنيه الشخص من ذلك السلوك من تحقيق أرباح مادية طائلة، إلا أنها تكون على حساب المجتمع المحيط به وما قد يلحق ذلك من آثار سلبية في المجتمع، والتي تتجسد في ازدياد صور الانحراف وامتدادها عبر شبكات تتاجر وتقامر باقتصاد ومقومات البلد من خلال إضعافه داخلياً للانتقال إلى المتاجرة بمقدراته خارجياً، إضافة إلى غرس صفات الابتزاز والجشع والاحتيال والنصب، نتيجة لوجود نفوس ضعيفة تمارس الفساد بأوجهه وأطره المختلفة([xxv]).
المبحث الثاني: البيئة المواتية والداعمة للارادة السياسية في مكافحة الفساد:
ان العزم على مكافحة الفساد ومنعه يستلزم توافر بيئة مواتية تساعد على تطبيق الاجراءات والسياسات والبرامج بصورة فعالة، فتوافر الارادة السياسية وحده غير مجدي وغير كافي، لان الفساد يؤثر ويتاثر بالبيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يتحرك من خلالها، لذا سوف يتم التطرق للمارسات الفضلى التي يوفرها وجود مؤسسات رسمية وغير رسمية، تعمل وبشكل متزامن على تبني قضية مكافحة الفساد بالتزامن مع وجود الارادة السياسية وكما ياتي:

112
المطلب الاول: دور المؤسسات الرسمية في توفير بيئة داعمة للارادة السياسية في مكافحة الفساد:
اولا: الحكم الجيد (الرشيد):
هو مصطلح غير محدد، مستخدم في أدبيات التنمية لوصف كيفية تصرف المؤسسات العامة والشؤون العامة في إدارة الموارد العامة، ويؤكد على وجوب تفاعل الجهات الثلاث ( الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني) معا من اجل تطبيقه، وقد وضعت بعض الشروط من اجل تحقيقه وتتلخص في ( المشاركة, الشفافية, المساءلة, العدالة وتطور سيادة القانون, التأمين السياسي, الاولية الاجتماعية والاقتصادية على ضوء مطالب الناس، والاخذ بنظر الاعتبار مطالب الطبقات الدنيا في المشاركة في اتخاذ القرار، فضلا عن تامين المصادر اللازمة لعملية الازدهار)([xxvi]).
فالحكم الرشيد يعد امرا أساسيا لتهيئة بيئة تعزز النمو الاقتصادي وتحد من الفقر، فالحكومة التي تستجيب بقدر أكبر لاحتياجات ورغبات الفقراء تستطيع أن تحسن نوعية عيشهم، ورفع مستوى إدارة الحكم عنصر رئيسي في التنمية الاقتصادية والسياسية للبلد، غير أن هذين الجانبين من التنمية يتعرضان للخطر بفعل الفساد الذي يشوه الاقتصاد، ويحول الموارد الشحيحة أصلا من الخدمات الحيوية إلى أشياء من قبيل تسديد الديون التي راكمها المسؤولون الحكوميون الفاسدون([xxvii]).
وعليه فالفساد يعد من المعوقات الاخرى التي تعترض طريق بناء الحكومة الرشيدة وطريق
113
 العوامل الثلاث لتطبيق الحكومة الرشيدة، لذا يصبح لزاما إدخال إصلاحات على أنظمة الدولة،
 من النواحي التشريعية والإدارية والاقتصادية، وذلك للتقليل من فرص حدوث الفساد، كما ان مكافحة الفساد لا تستقيم بدون أن تقترن بإصلاحات سياسية، وفي مقدمتها إلغاء تعسف السلطة، وتبني قانون انتخابات شفافا وفعالا، ونظاما قضائيا مستقلا، ومجتمعا مدنيا قويا، وتطبيق نظام محاسبي صارم وعادل في آن واحد، وهذا يعزز من المساندة الشعبية والالتفاف الجماهيري حول الإصلاحات، فالانفتاح السياسي يوفر الفرص كافة لتعزيز الحكم الجيد، الذي يفترض أن يحشد الموالين والمعارضين خلف برنامج الإصلاح الذي يستهدف استئصال الفساد برمته([xxviii]). ومما تقدم نجد ان الحكم الجيد يتضمن في جنباته معظم ما سيتم الحديث عنه في النقاط الاتية من دور للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية وحتى الجهود الدولية في توفير بيئة مواتية لمكافحة الفساد.
ثانيا: وجود سلطة تشريعية فاعل في مجال مكافحة الفساد:
يمكن القول أن البرلمان يستطيع اخذ الدور الرئيس والفاعل في الصراع ضد الفساد، فبالرغم من كثرة الحديث عن تضاؤل دور البرلمانات، الا انها ما تزال بمثابة جسر مؤسساتي حيوي يربط بين الدولة والمجتمع، وتلعب البرلمانات دورا حاسما في الحكم الجيد، من خلال ضمان أن تكون مؤسسات الدولة عرضه للمحاسبة ومنفتحة ومتضمنة المشاركة في اتخاذ قراراتها.
فعلى عاتق البرلمان تقع مسؤولية إعداد التشريعات اللازمة لمقاومة الفساد، فضلا عن الانتباه إلى أن تؤدي الإصلاحات الإدارية المنشودة ضمن اطار الحكم الرشيد إلى التقليل من فرص السلوك الفاسد وحوافزه على نطاق قطاع الوظائف الحكومية وتحسين نوعية الخدمة
114
 الحكومية، فللتدابير الخاصة بالردع وفرض القانون قيمتها كأسلحة لمحاربة الفساد، ومع ذلك فمن غير المرجح للمبادرات التي تعتمد اعتمادا زائدا على العقاب فقط أن تحقق النجاح على المدى البعيد، بل ويمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية([xxix]).
كما ويساهم البرلمان بأشكال وادوار كثيرة في تقوية استراتيجيات مواجهة الفساد، مثل متابعة دورة الميزانية، ولجان البرلمان في الرقابة، وتأسيس ميثاق أخلاقي برلماني، وإقامة علاقات بالمجتمع المدني، وإدخال الإصلاحات الدستورية والقانونية، وبناء الشبكات البرلمانية الدولية.
وتجدر الاشارة الى انه يتوجب على البرلمانيين وفي إطار نشاطهم لمكافحة الفساد إبلاغ ومراقبة الجهات والمؤسسات المالية الدولية والطلب منهم أن يكونوا شركاء متعاونين مع الحكومة والبرلمان ومنظمات المجتمع المدني سعيا للتحكم ومن ثم القضاء على الفساد، وعلى من يحاربون الفساد من البرلمانيين أن يسعوا لفهم الأبعاد العالمية للفساد بوجه عام وأعمال وأنشطة المؤسسات المالية العالمية بوجه خاص([xxx]).
ومما تقدم نصل إلى الحقيقة التي مفادها أن أداة البرلمان الفعالة في التقليل من الفساد الحكومي هو اختصاصه ودوره كمحاسب للحكومة ورقيب على أعمالها، إذ أن هنالك أدوات مختلفة متوفرة في متناول البرلمان لاستخدامها في السيطرة على الفساد، وهي تشكل جزءا من نظام المحاسبة الذي يمكن بواسطته الحكم على الحكومة وأفعالها، وفي نهاية المطاف يقوم الناخبون بممارسة المحاسبة الأخيرة من خلال أصواتهم عند إجراء الانتخابات.
ثالثا: وجود سلطة قضائية مستقلة:
115
على الرغم من أن الفساد سواء على المستوى الدولي  أو الاقليمي أو حتى المحلي يتطلب لمواجهته منظومة متكاملة سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية بل واخلاقية، الا ان السلطة القضائية تلعب دورا مؤثرا وبارزا في مكافحة الفساد من خلال المحاور الاتية:
1-القضاء الجنائي ومكافحة الفساد: وهو يشمل المحاكم الجنائية بمختلف أنواعها ودرجاتها وكذلك النيابة العامة بإعتبارها شعبة أصيلة من شعب السلطة القضائية، ويلعب هذا القضاء من خلال الملاحقة الجنائية لمرتكبي جرائم الفساد الدور الأكثر فاعلية بهذا الشأن، بحسبان أن هذه الملاحقة يتحقق عن طريقها الردع الخاص لمرتكبي جرائم الفساد، والردع العام لغيرهم ممن قد تسول له نفسه ارتكاب تلك الجرائم، ويتطلب ذلك بطبيعة الحال أن تكون التشريعات الجنائية مشتملة على ما يؤثم جميع صور الفساد القديمة منها ( مثل الرشوة) والحديثة (مثل غسيل الأموال) إضافة إلى وجود قضاء مستقل ومؤهل ومتخصص لديه الامكانيات البشرية والفنية والمادية بهذا الصدد، فضلا عن تشديد العقوبات الجنائية بالنسبة لمرتكبي جرائم الفساد من الموظفين العموميين وتلك الواقعة على الأموال العامة، مع إنشاء نيابات ودوائر جنائية مخصصة لمثل هذا النوع من الجرائم في إطار القضاء الطبيعي، إضافة إلى إيجاد قواعد إجرائية مناسبة للكشف عن جرائم الفساد بالسرعة الممكنة في نطاق الضمانات القانونية المقررة([xxxi]).
2-القضاء الإداري ومكافحة الفساد : للقضاء الإداري أيضا دور لا ينكر في محاربة الفساد باعتباره الحامي للحقوق الأساسية والحريات العامة، وذلك من خلال الرقابة التي يمارسها على مشروعية أعمال الإدارة لا سيما عن طريق الطعون التي يقدمها أصحاب الشأن بطلب إلغاء القرارات الإدارية النهائية استنادا لأحد أسباب عيوب المشروعية اللاحقة بها وعلى الأخص عيب اساءة استعمال السلطة أو الانحراف بها الذي يكشف عن مظاهر الفساد المستشري في مفاصل الجهاز الإداري للدولة، من الغلو في توقيع العقوبات التأديبية، واتخاذ النقل المكاني
116
 والنوعي وسيلة للتشفي والانتقام، واستعمال نزع الملكية لغير أغراض المنفعة العامة، وتخطي الأجدر والأكفأ في التعيين والترقية بالوظيفة العامة، والمحاباة في شغل وظائف الإدارة العليا، وغير ذلك من صور الفساد الإداري الذي من شأنه أن يزعزع ثقة الجمهور في الإدارة ويؤدى إلى عدم إحترام الوظيفة العامة، ولا شك أن الدور الذي يلعبه القضاء الإداري بهذا الخصوص لن يكون فعالا إلا إذا تحقق لهذا القضاء الاستقلال والتأهيل والتخصص ودعمه بالامكانيات اللازمة لذلك، فضلا عن إصلاح منظومة التشريعات الإدارية والوظيفية([xxxii]).
3-القضاء الدستوري ومكافحة الفساد: القضاء الدستوري هو الحامي للشرعية الدستورية في الدولة القانونية عن طريق ممارسته للرقابة على دستورية القوانين، وبهذه المثابة فهو يقوم بدور غير مباشر في مكافحة الفساد من خلال ما يرفعه إليه ذوي الشأن من طعون على دستورية القوانين بناء على واحد أو أكثر من عيوب الشرعية الدستورية.   
رابعا: وجود مؤسسات رقابية فاعله:
رغم الأهمية الكبيرة للدور الرقابي السلطة التشريعية والقضائية، إلا أن مقارعة الفساد بأشكاله المتعددة  يتطلب أجهزة  متخصصة ذات استقلالية وكفاءة متميزة، مثل ديوان للرقابة المالية، وهيئة مختصة لمكافحة الفساد(مثل هيئة النزاهة) وكذلك مكاتب المفتشين العموميين، وسوف يتم التطرق لعمل هذه المؤسسات في المبحث القادم.
المطلب الثاني: دور المؤسسات غير الرسمية في توفير بيئة داعمة للارادة السياسية في مكافحة الفساد:
اولا: المسائلة والرقابة الشعبية:
اصبح الراي العام بفعل تطور وسائل الاتصال احد اهم طرق المسائلة، واصبح بالامكان
117
 الضغط على الحكومة من اجل العمل للصالح العام عن طريق دور الاعلام والجماعات المنظمة، ويمكن في هذا الصدد تحديد طريقان اساسيان للضغط الشعبي، اولهما يتمثل في تقديم شكاوى جماعية من قبل مجموعات من المواطنين بخصوص الفشل العام للحكومة، وثانيهما يتمثل في اعتراضات ترفع من قبل افراد خاصين ضد معاملة السلطة لهم، وكل من هذين الطريقين يمكن ان يحث على اصلاح البنى الحكومية.
 وقد عرفت النظم الديمقراطية نمطين من انماط المحاسبة، وهي المحاسبة العمودية والمحاسبة الافقية، اذ تقوم المحاسبة العمودية على محاسبة جمهور الناخبين الحكام او ممثليهم المختارين، اما بتجديد الشرعية التي يتمتعون بها عن طريق اعادة انتخابهم اذا ما اوفى هؤلاء بوعودهم الانتخابية، واما بمعاقبتهم عن طريق عدم التصويت لهم في صناديق الاقتراع في حال عدم رضى الجمهور عن ادائهم([xxxiii]).
ثانيا: مجتمع مدني فاعل:
 حظيت منظمات المجتمع المدني باهتمام كبير على المستوى الدولي، اعترافا بدورها التنموي والرقابي، اذ يلعب المجتمع المدني دورا فاعلا بل وحاسما في بعض الأحيان في مكافحة الفساد، وقد تزايدت أهميته وفاعليته بعد التطورات العالمية على صعيد النظام السياسي الدولي سيما في مطلع التسعينات من القرن المنصرم، اذ بدأ الاهتمام الدولي بمكافحة ظاهرة الفساد من خلال وضع آلاف الوصفات والآليات من قبل المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تعيق عملية التنمية والتقدم في الدول النامية خصوصا، فبرز المجتمع المدني كشريك فاعل وميداني يساعد الدولة والمؤسسات المالية الدولية للقضاء
118
 على الفساد، وبهذا الصدد تقول نانسي بوزويل([xxxiv]) ( ثمة اتفاق شبه إجماعي اليوم على أن الفساد يسبب أضرارا غير مقبولة وان التقصير في معالجته تصرف غير مسئول، فبسبب ضغط المجتمع المدني، المؤلف من منظمات غير حكومية، ومن منظمات لا تبغي الربح ومستقلة، قامت الحكومات والمؤسسات الدولية بعقد اتفاقيات لمكافحة الفساد، والتزمت القيام بأمور أخرى لتحسين نظام الحكم والمساءلة. سوف يظل دور المجتمع المدني مركزياً لأجل تحويل هذه الالتزامات إلى وقائع، كما أن مستقبل أجندة مكافحة الفساد سوف تتوقف على إيجاد تعهدات أعمق من جانب المجتمع المدني، والتأكد من أنه يملك القدرات الفنية والموارد المالية، وإمكانية الوصول إلى المعلومات، والمساحة السياسية المحمية لتنفيذ رقابته الأساسية ودوره المناصر)([xxxv]).
فضلا عما تقدم اخذ المجتمع المدني بعدا آخر في عمله من خلال لعبه دورا فاعلا في المواثيق والاتفاقيات الدولية لمكافحة الفساد، ففي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أخذت منظمات المجتمع المدني عدة ادوار منها(التعريف بالاتفاقية، شرح بنودها، تنوير الرأي العام حول أهدافها، تعزيز العلاقة بينها وبين البرلمانات، مراقبة تطبيق الاتفاقية الدولية على ارض الواقع)([xxxvi])، وكذلك لعب المجتمع المدني دوراً في مراجعة فرض التطبيق الذي قام به ميثاق
119

منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول رشوة الرسميين الحكوميين الأجانب، ومواثيق المجلس الأوروبي لمكافحة الفساد.
ثالثا: وسائل اعلام مستقلة وفاعلة:
تقاس حرية أي مجتمع بمدى حرية إعلامه([xxxvii])، وانطلاقا من ذلك يمكن القول انه لا ينكر احد أن للإعلام دور مهم وفعال في نشر ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد، وقد استمد أهميته ودوره الفعال من استناده إلى مواثيق  وإعلانات دولية تكرس حق الإنسان في حرية التعبير عن الرأي والوصول إلى المعلومات وحق وسائل الإعلام من ممارسة دورها الفعال في المجتمع، لهذا كله عدت الصحافة ووسائل الإعلام الأخرى وسائل للرقابة الشعبية على السلطات، يمكن عن طريقها الكشف عن الكثير من الظواهر السلبية وآليات الفساد، فقد عدت رقابة الإعلام السلطة الرابعة في بناء الهيكل السلطوي للدولة والمتكون أساساً من السلطات الثلاث (التشريع، والتنفيذ، والقضاء)، فهي السلطة التي أصبحت المنبر الذي من خلاله يعبر الرأي العام عن تطلعاته، ونظرته الفاحصة للأمور، وتقييمه لوضع الجهاز الحكومي ومواطن الخلل وسلبية التصرفات فيه([xxxviii]). ولهذا فقد استفادت الكثير من بلدان العالم التي استوطن فيها الفساد لبضع حقب من السلطة الرابعة ورقابتها وخصوصاً الصحافة في تقييم مؤسساتها، والاستفادة من نقد الرأي العام عن طريقها وكذلك توجيه الرأي العام للحد من الفساد عن طريقها أيضاً.
رابعا: الدعم الدولي الفاعل من قبل المنظمات غير الحكومية المعنية بمكافحة الفساد:
تنبع أهمية المنظمات غير الحكومية من منطلق الاستقلالية عن آراء وتوجيهات الحكومات في العمل على مناهضة الفساد، وإذا ما أمعنا النظر في جهود المنظمات غير الحكومية فسنرى أن فاعليتها تتأتى من كون هذه المنظمات عمل على تكوينها مهتمون بقضايا الفساد، من
120
 أكاديميين ورجال أعمال وأعضاء مجتمع مدني بهدف مناهضة الظاهرة نتيجة لاستقرائهم واقعاً غير مرض دون أن تدفعهم ضغوط أو احتجاجات للسير في هذا السبيل، وإنما الغاية التي جمعتهم هي حب النزاهة والرغبة في مجتمع نظيف تتمتع به المؤسسات العاملة بالشفافية التامة في عملها وتخضع فيه للمساءلة الدورية تقوم تلك الأعمال وترشدها للطريق القويم الذي يتيح في المحصلة حكماً حسناً مرضياً للجميع.
من هنا تنبع أهمية هذه المنظمات التي لا تتأثر بقرارات حكومية أو رؤى أصحاب المناصب وبذلك تكون فاعليتها أكبر وأوسع، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن تتمتع المنظمات المذكورة بالمصداقية الكاملة بعيداً عن سبل التربح السياسي أو العمل بشكل يكون قريباً من السمسرة التجارية وذلك لأن الاستقلالية لا تتفق مع هكذا سلوك مطلقاً يبغي القضاء على الفساد([xxxix]).
ولا يفوتنا أن نشير بهذا الصدد إلى ابرز منظمة في هذا المجال وهي منظمة الشفافية الدولية التي تصدر تقاريرها السنوية بخصوص قضايا الفساد في جميع دول العالم والتي يقول رئيسها بيتر ايغان في تقرير عام 2003( لم يعد للقائمين بأعمال الفساد أماكن للاختباء، فقد مكنت التكنولوجيا التي هي العنصر الأساس لتدفق المعلومات الفوري والدقيق، ووسائل الإعلام وعامة الشعب من محاسبة الشركات والسياسيين)([xl]).
المبحث الثالث: دراسة حالة العراق:
بعد الخوض في تحديد مفهوم الارادة السياسية واثر توفر وجودها على جهود مكافحة الفساد في بلد ما، وكذلك ما يمكن ان يؤديه توافر بيئة مؤاتية وداعمهة للارادة السياسية في مكافحة الفساد، سوف يتم التطرق في هذا المبحث الى ما وصلت اليه الارادة السياسية في
121
 العراق من جهود في مجال مكافحة الفساد، وذلك من خلال التطرق لعمل السلطات التتنفيذية والتشريعية والقضائية، فضلا عن دور المؤسسات الاخرى الداعمة كدور الرقابة الشعبية ومؤسسلت المجتمع المدني ووسائل الاعلام، وذلك بالاعتماد على ما متوفر من مؤشرات واحصائيات تبين وتثبت هذه الجهود وكما ياتي:
المطلب الاول: الارادة السياسية وجهودها في مكافحة الفساد على مستوى السلطة التشريعية:
إن مفتاح مكافحة الفساد يتمثل بالإرادة السياسية، مع الإشارة بأن دوائر الفساد تتكامل وتتقاطع مع بعضها البعض لتفشل وتحبط بدورها الإرادة السياسية ذاتها، وحيثما يكون الفساد متاصلا في المجتمع ومزمنا، دل ذلك على ضعف الإرادة السياسية التي لاتمتلك المبادرات لمكافحته، والعكس الصحيح. وتلعب السلطة التشريعية في العراق دورين اساسيين في مكافحة الفساد، الاول وهو الدور التشريعي، والذي يتمثل اما باصدار قوانين تكافح الفساد، او بتعديل قوانين نافذه او بالمصادقة الانضمام للاتفاقيات الدولية باغلبية الثلثين. وهنا وتجدر الاشارة الى توفر منظومة تشريعية تكافح الفساد، من اهم قوانينها هي كل من قانون مكافحة غسيل الاموال وقانون ديوان الرقابة المالية، وكذلك قانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011([xli])، وغيرها من القوانين وكما موضح في الجدول الاتي([xlii]):
الجدول رقم (1) بعض التشريعات العراقية ذات الصلة بمكافحة الفساد
ت
الموضوع
نوع التشريع
رقم التشريع والسنة
موضوع التشريع
تشريعات ذات صلة
اولا
التجريم
قانون
111 لسنة 1969
قانون العقوبات
-المواد من 307:314 من قانون العقوبات الخاصة بالرشوة
-المواد من 315:321 من قانون العقوبات الخاصة بالاختلاس المال العام
-المواد من 322:341 من قانون العقوبات الخاصة بتجاوز الموظفين حدود وظائفهم

التجريم
قانون
14 لسنة 2008
قانون عقوبات قوى الامن الداخلي


التجريم
امر سلطة الائتلاف
93 لسنة 2004
قانون مكافحة غسل الاموال


التجريم
قانون
15 لسنة 1958
قانون الكسب غير المشروع
-معدل لاكثر من مرة للسنوات 1958،1960،1963.
ثانيا
موظفي الدولة
قانون
14 لسنة 1991
قانون انضباط موظفي الدولة
-معدل بالقانون الصادر في السنة 2007
ثالثا
الاتفاقيات الدولية
قانون
35 لسنة 2007

الانضمام لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد


قانون
20 لسنة 2007

الانضمام لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولين الملحقين بهما
رابعا
اهم الجهات الرقابية
قانون
2004
قانون البنك المركزي العراقي
-معدل بالقانون رقم 63 لسنة 2007
-قانون المصارف رقم 94 لسنة 2004


قانون
17 لسنة 1927
قانون دائرة تدقيق الحسابات العامة



قانون
65 لسنة 1979
قانون مجلس شورى الدولة
-المادة رقم 7 الخاصة بمجلس الانضباط العام المعدلة بموجب التعديل الثاني لقانون مجلس الدولة رقم 65 لسنة 1979


قانون
6 لسنة 1990
قانون ديوان الرقابة المالية
-قرار سلطة الائتلاف سنة 2003 باستمرار عمل الديوان، وبعدها تم تشريع قانون جديد
123
الا ان  ما تقدم لا ينفي أوجه القصور فى التشريع ومدى حاجته الى تعديل بعض النصوص الموجودة، لان هذه التشريعات والقوانين سيما وان العراق قد انضم لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وهذه التشريعات لا تحقق الاستجابة الكاملة من قبله للالتزامات الواردة في هذه الاتفاقية، فضلا عن الحاجة الى اصدار حزمة جديدة من القوانين التي تؤدي هذا الغرض مثل قانون مكافحة الفساد الذي اعدته هيئة النزاهة، وقانون تنظيم المناقصات والمشتريات، وقانون الشهود والمخبرين والضحايا، وقانون حق الاطلاع على المعلومات، وقانون الاحزاب السياسية، وقانون تمويل الحملات الانتخابية، وقانون ينظم رواتب موظفي الدولة (الدرجات الخاصة)([xliii]).
والدور الثاني هو الرقابة التي تقترن بالمحاسبة عن السياسات وغيرها من الأفعال والقرارات السياسية، وكذلك المحاسبة الإدارية عن إدارة وتوجيه البرامج والخدمات العامة، والمحاسبة المالية عن إنفاق الأموال العامة[xliv]، والمتتبع لعمل البرلمان الرقابي يجد ان الاداء الرقابي ضعيف جدا، فلم تشهد الدورة البرلمانية الحالية سوى عدد ضئيل جدا من الاستجوابات لكل من امين العاصمة ورئيس المفوضية المستقلة للانتخابات، مع عدم اقتران هذه الاستجوابات لمحاسبة كبار المسؤولين، واقتصار العمل على التصريحات الاعلامية التي تقترن بالمزايدات السياسية بين الكتل السياسية المكونة للبرلمان.
يضاف لما تقدم ذكره من ضعف في اداء البرلمان العراقي في مجال جهود مكافحة الفساد عدم امتثال عدد كبير من اعضاء البرلمان لتقديم استمارة كشف الذمة المالية اذ  وصلت النسبة في احسن احوالها لـ(63،3)، وكما مبين في الجدول الاتي([xlv]):
124
السنة
العدد الكلي لاعضاء البرلمان
عدد الاعضاء الذين قدموا الكشف المالي
النسبة المئوية
2010
325
111
34،2
2011
325
197
60،6
2012
325
206
63،3
2013
325
146
44،9

المطلب الثاني: الارادة السياسية وجهودها في مكافحة الفساد على مستوى السلطة التنفيذية:
كثيرا ما يقال ان الفساد احد التحديات الرئيسه التي ينبغي ان تتصدى لها الحكومة العراقية بغية ترسيخ النظام الديمقراطي في البلاد، وقد اثيرت هذه المشكلة على الصعيد الدولي، وهو ترجم فيما بعد من خلال تبني الحكومة لجملة برامج وسياسات وستراتيجيات تهدف الى مكافحة الفساد على الصعيد الخارجي والداخلي، فعلى المستوى الدولي عملت الحكومة العراقية على الانضمام الى مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية(*)، وقد اكتسبت العضوية فيما بعد بعد امتثالها لشروط الانضمام لهذه المبادرة والتي تقوم على اساس تحسين الشفافية في قطاع الصناعات الاستخراجية بحيث تكون صادرات النفط العراقي التي تمثل الجانب الاكبر من ميزانية البلد معلنة وبصورة شفافة امام جميع المواطنين والمؤسسات المدنية والقطاع الخاص المحلي والدولي، وذلك اعطى مؤشرا ايجابيا عن نوايا الحكومة العراقية وجديتها في السير في طريق مكافحة الفساد وتحسين الادارة والشفافية في العمل([xlvi]). 
125
وعلى الصعيد الداخلي خطة الحكومة عدة خطوات منها توفير الدعم اللازم للمؤسسات الرقابية مثل مكاتب المفتشين العموميين وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة، كما تبنت الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وغيرها من الانشطة والبرامج والفعاليات، ويمكن الاستدلال على توفر الارادة الحقيقية في موضوع مكافحة الفساد من خلال مؤشر الالتزم بتقديم كشف الذمة المالية للمسؤولين التنفيذين من قمة الهرم التنفيذي الى اسفله، اذ تشير مؤشرات هيئة النزاهة الى ان رئيس الجمهورية ونوابه قد استجابوا لاستمارة كشف الذمة المالية بنسبة (100%) للاعوام( 2013، 2012، 2011،) وبنسبة (66،7) للعام 2010، اما رئيس الوزراء ونوابه فقد استجابوا لاستمارة كشف الذمة للاعوام (2011، 2012، 2013) باستثناء نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات حيث لم يقدم الكشف لاي عام، اما السادة الوزراء فقد بلغت نسبة الاستجابة (100%) عام (2010)، و(83،7%) لعام (2011)، و(96،7%) لعام( 2010)، و(90%) لعام (2013)([xlvii]).
فضلا عما تقدم ولضرورات البحث العلمي سوف نقتصر على دور هيئة النزاهة في مجال مكافحة الفساد، اذ تعتبر المؤسسة الرائدة في مجال مكافحة الفساد في العراق والمسؤولة عن التحقيق في كافة حالات الفساد في المحافظات الخمس عشرة التابعة للحكومة الاتحادية، وفي السنوات الثلاث الماضية ازداد عدد حالات الفساد التي تحقق فيها الهيئة وتقدمها الى المحكمة ازديادا كبيرا، ومع تحسن قدرتها وسمعتها تدريجيا ازداد عدد حالات الاخبار عبر الخطوط الساخنة سواء شخصيا او دون تحديد هوية المخبر، وبالتالي ارتفعت التحقيقات الجنائية للهيئة من (786) في عام 2004-2005، الى (6779) في عام 2009، والى (11671) في عام 2011، وبنتيجة هذه التحقيقات تضاعف عدد المحالين الى القضاء بتهم فساد مختلفة خمس مرات وذلك من (1084) في العام 2009 الى (5682) في العام 2011، كما تضاعف عدد
126
 المدانين بجرائم فساد مختلفه اكثر من ست مرات وذلك من (257) في عام 2009، الى (1661) في العام 2011([xlviii]).
اما اوامر القبض والاستقدام لعام 2012 فقد بلغت (2667) امرا، منها (9) اوامر صدرت بحق (9) وزراء او من هم بدرجتهم، و(99) امر صدر بحق (61) مدير عام فاعلى او من بدرجتهما. كما احالت الهيئة (5980) متهما على المحاكم لمحاكمتهم عن (4278) دعوى فساد منهم (12) وزيرا او من بدرجته، و(97) مدير عام، كما كان من المحالين (7) من مرشحي الانتخابات لمجلس النواب، و(11) من مرشحي الانتخابات لمجالس المحافظات([xlix]).
وتجدر الاشارة الى ان الارقام السابقة (اي تزايد اعداد من تم التحقيق معهم واحيلوا الى القضاء وادينوا) تشير الى ازدياد مستوى الوعي بالفساد وتعاظم القدرات على مكافحته، لكن التآكل الملحوظ في نظام العدالة الجنائية (العلاقة بين التحقيق والاحالة الى المحاكمة والادانة) يبين صعوبة التحقيق واثبات الفساد اثناء المحاكمة ويقدم مؤشرات عن مجمل كفائة هذا النظام في ملاحقة قضايا الفساد قضائيا والفصل فيها، ففي عام 2011 ومن اصل كل (100) شخص حققت الهيئة معهم في قضايا فساد احيل (37) الى القضاء و(11) من هؤلاء ادينوا (8 حضوريا) واقل من (6) منهم نفذ الحكم بحقهم فعليا (اي ليس مع وقف التنفيذ)، اي انه من اصل كل (18) شخصا تم التحقيق معهم بتهم فساد لم يدن الا شخص واحد([l]). وهو ما يؤكد ماتم التطرق اليه في بداية البحث من ان توافر الارادة السياسية لمكافحة الفساد وحدها غير كافية، اذ ان الاردة والرغبة قد لاتعني توافر القدرة، وهنا تاتي ضرورة الاستعانة بالخبرات الدولية وما تقدمه من دعم فني وتقني لاسيما في القضيا التي تعد جديدة على ساحة القضاء العراقي مثل جرائم غسيل الاموال وغيرها.
127
فضلا عما تقدم ذكره يمكن القول ان المجتمع المدني ووسائل الاعلام كانت حاضرة وداعمة لمجمل حركة الارادة السياسية في مكافحة الفساد، من خلال اشتراك منظمات المجتمع المدني في حملات التوعية ضمن تطبيق استراتيجية مكافحة الفساد، وكذلك الحملة الوطنية لمكافحة الرشوة التي اطلقتها هيئة النزاهة، وكذلك الحال بالنسبة لوسائل الاعلام كداعم لجهود مكافحة الفساد، وكراصد ومراقب وكاشف في بعض الاحيان لحالات الفساد بشكل عام، وهو ما يؤكد ان مكافحة الفساد تحتاج لتظافر الجهود من مختلف القطاعات الرسمية وغير الرسمية والدعم الدولي وبصورة متواصلة لمكافحة هذه الافة وتصفية اثارها.
الخاتمة:
لا يختلف العراق عن غيره من دول العالم ولا سيما الدول التي تمر في مرحلة انتقاليه في معاناته من آفة الفساد، كما انه قد عانى في سنسنه الاولى بعد عام 2003 من تعاظم اثر هذه الظاهرة، الا ان ذلك كان حافزا للنخب السياسية والمواطنين والتشكيلات الاجتماعية على اختلافها من منظمات مجتمع مدني ووسائل اعلام، فضلا عن المنظمات الدولية المعنية في عقد العزم على مواجهة الفساد ومكافحته بخطى ثابته ومدروسة من خلال تبني البرامج والسياسات والاستراتيجيات، على صعيد المؤسسات الرسمية في السلطة التنفيذية والسلطة التشريعيه والسلطة القضائية، وكذلك تعزيز مبادئ الحكم الرشيد واشراك المواطنين من خلال الرقابة الشعبيه، واشراك منظمات المجتمع المدني لتاخذ دورها التوعوي والمراقب ايضا، وكذلك اشراك وسائل الاعلام للعمل كمنظومة متكامله.
الا ان ما تقدم ذكره لا ينفي الحاجة الى تعزيز الارادة السياسية والتنسيق بالعمل بين سلطات الدولة المختلفه وتصحيح الخلل الحاصل، سيما في عمل السلطة التشريعيه سواء على مستوى البطء في اصدار التشريعات التي تحد من الفساد، او من خلال العجز عن مراقبة ومحاسبة المقصرين والفاسدين من كبار المسؤولين. وكذلك الحال فان المواطنين تقع عليهم مسؤولية الرقابه لتكون كحافز للسلطات الاخرى لكي تتحمل مسؤوليتها وتؤدي ما مناط بها من مهام ومسؤوليات وبدرجة هاليه من النزاهة والشفافية.
128
وتجدر الاشارة الى الدور المتزايد والفاعل لهيئة النزاهة من خلال ارتفاع مستوى الاداء وتضاعفه عن السنوات الماضية من خلال ارتفاع عدد المحالين الى المحاكم وزيادة عدد المحكومين وارتفاع عدد المطلوبن عن تهم فساد، وهي كلها تصلح ان تكون مؤشرات حقيقية لقياس جهود مكافحة الفساد على المستوى الوطني، وهو ما يؤكد ان الارادة السياسية متوافرة وعازمة على مكافحة الفساد والقضاء عليه.
م.د رياض مهدي عبد الكاظم/كلية الاعلام/ جامعة واسط- بحث منشور في مجلة كلية الكوت الجامعة...العدد الثاني...السنة الاولى...2016/ ص103 الى ص128



[i]- القران الكريم، سورة هود، الاية 88.
[ii]-  محمد بن مكرم ابن منظور، لسان العرب، ج 4, بيروت، دار صادر، الطبعة  بدون تاريخ طبع، ص 181.
[iii]- ماهر تحسين نايف، ارتباط التنمية الزراعية بالارادة السياسية الحرة-فلسطين نموذجا-، فلسطين، 2012، ص23.
[iv]- محمد طه بدوي وليلى امين مرسي، اصول العلاقات الدولية، المكتب العربي الحديث، 1974، ص86.
[v]- فائق حسن الشجيري، اثر الارادة السياسية في بناء القدرة الاقتصادية للدولة، بحث منشور في المجلة السياسية والدولية، الجامعة المستنصرية، العدد 17، 2010، ص86.
[vi]- Craig Charney , Political Will: What is it ?How is it Measured?, New York, 2009, p2. On web: www.CharneyResearch.com
-[vii] صهر ج كبوندية، الارادة السياسية في مكافحة الفساد، في كتاب الفساد ومبادرات تحسين النزاهة في البلدان النامية، برنامج الامم المتحدة الانمائي ومركز التنمية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، 1998، ص99.
[viii]- Unpacking the concept of political will to confront corruption, U4Brief, Chr.michelsen institute, Norway, 2010, on web: www.u4.no
[ix]- فائق حسن الشجيري، مصدر سبق ذكره، ص 86.
[x]- Unpacking the concept of political will to confront corruption, Op.Cit.
[xi] - لمزيد من التفاصيل حول التطور التاريخي لمفهوم الفساد انظر، عماد صلاح عبد الرزاق، الفساد والإصلاح، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 2003، ص ص18، 27.
[xii] - ياسر خالد الوائلي، الفساد الإداري. مفهومه ومظاهره وأسبابه: مع أشارة إلى تجربة العراق في الفساد، مجلة النبأ، مركز المستقبل للدراسات والبحوث،العراق، العدد80، 2006، ص11.
[xiii] - المعجم الوسيط، مراجعة ابراهيم انيس واخرون، معجم اللغة العربية، ج2، القاهرة، 1973، ص 278.
[xiv] - تاج العروس من جواهر القاموس، للشيخ محب الدين الحنفي، المجلد العشرون، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1994، ص265.
[xv] - احمد فتح الله، معجم الفاظ الفقه الجعفري، ط1، مطابع المدخول، الدمام، 1995، ص319.
[xvi]- Oxford, Advanced Learners Dictionary, Sixth Edition, 2000.
[xvii] - أحمد أبو دية، الفســــــــــــــاد: أسبابه وطرق مكافحته، منشورات الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة – أمان  ، القدس، ط1، 2004، ص2.
[xviii]- Gerard Carney, Conflict of Interest, Ti working paper, Berlin, 1998, p.1.
[xix] - البنك الدولي للإنشاء والتعمير، تقرير عن التنمية في العالم (1997)، الحد من الفساد والتفرقات التحكيمية للدولة، مركز الأهرام للترجمة والنشر (مترجماً)، القاهرة، 1997، ص112.
[xx]- IMF, Corruption around the World, Washington, IMF Working Paper, 1998, p. 8.
[xxi] - اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، وثائق الامم المتحدة.
[xxii] - فراس عبد المنعم عبدالله، حكم جرائم الفساد الكبير في الفقه الجنائي الاسلامي-دراسة تحليلية تاصيلية، مجلة دراسات قانونية، بيت الحكمة، بغداد، العدد 26، 2010، ص53 .
[xxiii] - محمود عبد الفضيل، الفساد وتداعياته في الوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد 243، 1999، ص4، ص 5. 
[xxiv]- Janakieva Malka, Corruption and its impact on transition economies- The case of Bulgaria, Paper presented at the 2001 CEP International Student Conference, held in Budapest-Hungary, on April 2001, p2, p5.
[xxv]- مازن مرسول محمد، في قضايا الفساد ومؤثراته المختلفة، مجلة النبأ، مركز المستقبل للدراسات والبحوث، العراق، العدد80، 2006، ص29.
[xxvi] -Sharl D. Adwan, Governance, World Bank, Governance in Middle East and North Africa, on web: http://web.worldbank.org/WBSITE/EXTERNAL/COUNTRIES/MENAEXT/EXTMNAREGTOPGOVERNANCE
[xxvii] - مكافحة الفساد لتحسين الحكم، شعبة التطوير الاداري وادارة الحكم، مكتب السياسات الانمائية، برنامج الامم المتحدة الانمائي، نيويورك، 1998، ص13.
[xxviii] - ناصر عبيد ناصر، تفكيك ظاهرة الفساد، مجلة النبأ، كربلاء/العراق، العدد 80، 2006، ص24.
[xxix] - دليل  البرلماني في مواجهة الفساد، دليل ارشادي من منشورات مركز امان، فلسطين، 1998، ص6.
[xxx] - دور المجلس التشريعي في تعزيز النزاهة والشفافية والمساءلة في فلسطين، ورقة عمل مقدمة الى المؤتمر الوطني لتعزيز النزاهة والشفافية و المساءلة في المجتمع الفلسطيني، فلسطين، 2020، ص16.

[xxxi] -خليفة الجهمي، دور القضاء في مكافحة الفساد، بحث منشور على المدونة الشخصية للمستشار القانوني خليفة الجهمي، ليبيا،8/12/2012، على الرابط الاتي:
[xxxii] - احسان علي عبد الحسين، دور الاجهزة الرقابية في مكافحة الفساد، هيئة النزاهة، دائرة الشؤون القانونية/قسم البحوث والدراسات، بغداد، ص31 وما بعدها.
[xxxiii] - ايمن احمد محمد، الفساد والمسائلة في العراق، ورقة سياسات، مؤسسة فريدريش ايبرت، بغداد، 2013، ص8، ص9.
[xxxiv] - هي عضو في مجلس إدارة جمعية ترانسبيرنسي إنترناشنال، والمديرة التنفيذية الرئيسية لترانسبيرنسي إنترناشنال - الولايات المتحدة، فرع الولايات المتحدة. وترانسبيرانسي إنترناشنال شبكة من منظمات المجتمع المدني في أكثر من 90 بلداً تعمل مع الحكومات، والمؤسسات الدولية، والقطاع الخاص للحدّ من الفساد والرشاوى.
[xxxv] - نانسي بوزويل، دور المجتمع المدني في تأمين الإصلاح الفعال والمستدام، مقال منشور على موقع وزارة الخارجية الأمريكية على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت على الرابط:
[xxxvi] - خليل جبارة، دور منظمات المجتمع المدني في تفعيل اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ألقيت هذه المداخلة في المؤتمر الإقليمي حول "دعم تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في الدول العربية"، الأردن، 2008، ص ص،21،23.
[xxxvii] - لمزيد من التفاصيل انظر، تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، إيقونات للخدمة المطبعية، عمان، 2002، ص126.
[xxxviii] - أحمد فارس عبد المنعم، الديمقراطية ومكافحة الفساد، مصطفى كامل السيد (محرراً) في الفساد والتنمية، مركز دراسات وبحوث الدول النامية، القاهرة، 1999،ص 349.
[xxxix] - لمزيد من التفاصيل انظر، عبد الله كمال،  ظاهرة انحلال الصفوة (القوادون والسياسة)، دار الخيال، القاهرة ، 1998، ص ص 1، 18.
[xl] - انظر، بيتر ايغان (رئيس  منظمة الشفافية الدولية)، تقديم التقرير العالمي  للفساد، 2003، ص1. www.transparency.org
[xli] - ينظر قانون ديوان الرقابة المالية رقم (31) لسنة 2011 ، وقانون هيئة النزاهة رقم (30) لسنة 2011.
[xlii] -الجدول من اعداد الباحث بالاعتماد على القوانين المنشور والنافذة.
[xliii] - رياض مهدي عبد الكاظم، اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد والتشريع العراقي، دراسة مقارنة في مقتضيات التجريم، بحث منشور في المؤتمر العلمي السادس لهيئة النزاهة، 2013، ص23.
[xliv] -احسان عبد الحسين، مصدر سبق ذكره، ص14.
[xlv] - الجدول من اعداد الباحث بالاستعانة بالاحصائيات السنوية التي تنشرها هيئة النزاهة العراقية على موقعها الرسمي على الرابط:
* -مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية (EITI)، هي معيار عالمي يعزز من الشفافية في التعامل مع العائدات ، وقد تمكنت من تطوير منهجية متينة ولكنها مرنة لمراقبة ومطابقة مدفوعات الشركات والايرادات الحكومية على مستوى البلد، يتم الاشراف على العملية بواسطة مشاركين من الحكومة والشركات والمجتمع المدني ويسمى بمجلس اصحاب المصلحة.
[xlvi] - لمزيد من التفاصيل انظر، نشرة الحقائق عن مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية (EITI)، الامانة الدولية للمبادرة، النروج،2012.
[xlvii] - لمزيد من التفاصيل حول نسب كشف الذمة المالية للمسؤولين في المناصب التنفيذية ينظر الموقع الرسمي لهيئة النزاهة العراقية، القسم الخاص باستمارة كشف الذمة المالية للاعوام المذكورة اعلاه.
[xlviii] - لمزيد من التفاصيل ينظر، تقرير اهم مؤشرات عام 2009، هيئة النزاهة، 2009، وكذلك تقرير اهم مؤشرات عام 2011، هيئة النزاهة، 2011.
[xlix] -تقرير مؤشرات عام 2012، هيئة النزاهة، 2012، ص17، ص21.
[l] -تقرير الفساد وتحديات النزاهة في القطاع العام في العراق- دراسة مدعمة بالادلة-، برنامج الامم المتحدة الانمائي/ الجهاز المركزي للاحصاء/هيئة النزاهة/ هيئة احصاء كردستان، 2012، ص11. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق