الخميس، 26 يناير 2017

العولمة و وظيفة الدولة الاقتصادية

المقدمة:
اهمية البحث:
ادت نهاية الحرب الباردة وما تمخض عنها من تفكك للاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي، وكذلك غياب المنافسة الايديولوجية الى جملة تغييرات بنيوية في البيئة الدولية تمثلت في انفراد الولايات المتحدة الامريكية كقوى عظمى وتربعها على قمة الهرم السياسي الدولي، مما دفع بها الى اعادة صياغة سياساتها تجاه العالم، سيما تجاه دول عالم الجنوب بالشكل الذي يكرس تبعية الاخيرة لها سياسيا واقتصاديا وثقافيا.
لذلك اخذت الولايات المتحدة تدعوا الى تعميم قيمها السياسية والاقتصادية والثقافية، انطلاقا من رؤية مفادها ان الراسمالية تصلح لان تكون نظاما عالميا للاسرة الدولية، وتبعا لذلك اتجه الفكر الليبرالي الجديد نحو التطرف من خلال بدأ مرحلة جديدة من مراحل الرأسمالية هي مرحلة العولمة، التي جاءت بالدعوة الى الحد من وظائف الدولة، مع التاكيد والتركيز على دول عالم الجنوب وذلك لتبني اقتصاد السوق الحرة والاخذ بقيم المجتمع الامريكي.
وقد وجدت سياسة العولمة وسيما بعد فشل اغلب تجارب دول الجنوب الميدان مفتوحا امامها لاختراق تلك الدول وباستخدام آليات عمل تضمن تبعيتها للنظام الراسمالي العالمي.
ومن هنا يحاول البحث تشخيص تأثير العولمة على وظائف الدولة الاقتصادية، فضلا عن التاثير الاقتصادي للعولمة والمتمثل بالشركات متعددة الجنسية، وصندوق النقد والبنك الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية، كآليات لفرض الهيمنة واستمرارها.
اشكالية البحث:
تكمن اشكالية البحث في اختلاف المواقف والآراء ازاء أثر العولمة في الوظائف الاقتصادية للدولة، وهذا ناتج عن تغير المعطيات الاقتصادية الدولية، وسيادة الافكار والنظريات التي تعالج الاختلالات والازمات الاقتصادية ضمن المدرسة الكلاسيكية التي تدعو لعدم تدخل الدولة الى المدرسة الكنزية التي تدعو الى التدخل ثم المدرسة النقدية التي تدعو الى عدم التدخل في الشؤون الاقتصادية. وفي الوقت نفسه اختلاف المواقف حول قضية ان العولمة تعمل على تهميش وظائف دول عالم الجنوب وتؤكد ذلك، ومواقف اخرى تؤكد ان العولمة تعمل على تغيير وظائف دول عالم الجنوب دون ان يكون لها اثرا سلبيا على تلك الدول.
ومن خلال هذا التضارب في المواقف سوف يتم التركيز في البحث على مفهوم العولمة والعمل على توضيح كافة ابعادها وآلياتها، وكذلك نشأت الدولة ونظريات المدارس الاقتصادية لدور الدولة ونتائج العولمة على دور الدولة الاقتصادي.
الفرضية:
ينطلق البحث من فرضية مفادها انه (كلما ازداد تأثير العولمة في وظائف الدولة الاقتصادية سيما في دول الجنوب، كلما يزداد تهميشها وتبعيتها).
ولغرض اثبات هذه الفرضية سيتممحاولة الاجابة عن التساؤلات الاتية:
1-   ما هو مفهوم العولمة وما تأثيرها على وظائف الدولة الاقتصادية؟
2-   ما هي آليات تأثير العولمة في وظيفة الدولة الاقتصادية؟
3-   ماذا انتجت العولمة من تأثيرات على وظيفة الدولة الاقتصادية؟، وهل هي بنفس الدرجة بين دول الشمال والجنوب؟ ام يختلف من دولة لاخرى؟.
منهجية البحث:
ان المنهج الذي تم الاعتماد عليه في البحث هو المنهج الوظيفي، والذي يعتمد على دراسة عدد من الوظائف التي تمارسها الدولة سيما الوظيفة الاقتصادية، وكذلك المنهج التاريخي في دراسة مفهوم العولمة ودراسة نشأة الدولة وتطور وظائفها.
هيكلية البحث:
تم تقسيم البحث الى ثلاث مباحث، تناول الاول الاطار النظري للمفاهيم في مطلبين، الاول مفهوم العولمة والثاني دور الدور الدولة في المدارس الفكرية الاقتصادية، والمبحث الثاني تناول آليات تأثير العولمة على وظائف الدولة الاقتصادية بثلاث مطالب، الاول الشركات المتعدة الجنسية والثاني صندوق النقد والبنك الدوليين، والثالث منظمة التجارة العالمية.
اما المبحث الثالث، فتناول نتائج العولمة على دور الدولة الاقتصادي، اذ تناول المطلب الاول الاقليمية الجديدة والمطلب الثاني الازمات الاقتصادية والثالث الوظائف الاقتصادية الجديدة للدولة والرابع ازدياد الهوة بين دول الشمال والجنوب.


المبحث الاول:  اطار نظري للمفاهيم
يكاد يتفق المفكرين والباحثين على ان كل ممارسة وتطبيق لاية ظاهرة ينبغي لها ان لا تبتعد عن النظرية، لان هذا التباعد قد يؤدي الى ان تكون ذات طابع فوضوي عفوي، وبقدر تعلق الامر بموضوع البحث فانه سيتم تناول مفهوم العولمة في المطلب الاول، وفي المطلب الثاني دور الدولة في المدارس الفكرية الاقتصادية، وفي الثالث العلاقة بين العولمة ودور الدولة الاقتصادي.

المطلب الاول: مفهوم العولمة
اختلفت التعاريف التي تناولت مفهوم العولمة باختلاف اتجاهات الباحثين ومشاربهم الفكرية، اذ ان هذا المصطلع اطلق لاول مره في نهاية السبعينيات من القرن الماضي على يد عالم السوسيولوجيا (مارشال ماك لوهان) عندما صاغ مفهوم (القرية الكونية) في كتابه (حرب وسلام في القرية الكونية)، والذي ركز فيه على دور النظام التقني الواسع في وسائل الاتصال وأثره في تحويل العالم الى قرية صغيرة([i]).
وقد ظهر مفهوم العولمة او ما ظهر في مجال الاقتصاد للتعبير عن ظاهرة آخذه في التفشي، ظاهرة اتساع مجال او فضاء الانتاج والتجارة ليشمل السوق العالمية باجمعها([ii])، فالرأي السائد في الدراسات التي تناولت ظاهرة العولمة هو ان الركيزة الاساسية للظاهرة هي اقتصادية في طبيعتها، وان ادواتها الفاعلة هي الشركات متعددة الجنسية و المنظمات الاقتصادية الدولية، كصندوق النقد والبنك الدوليين، وكذلك منظمة التجارة العالمية([iii]).
لذلك عرفت العولمة على انها (القوة بمفهومها الشامل، الاقتصادي والسياسي والعسكري والتقني والاعلامي والثقافي، وهي الاساس الذي سوف يصنع او يكون شكل النظام العالمي في القرن الحادي والعشرين)([iv]). وهناك من يعرفها بانها (تعني فرض قيم الحضارة والنظام الرأسمالي الغربي على كل العالم من خلال كوكبة قيم الحضارة هذه والنظام الرأسمالي وجعله اساسا للعلاقات الدولية والسياسية والاقتصادية والثقافية ونمط الحياة البشرية)([v])، وكذلك عرفت بانها (التداخل الواضح لامور الاقتصاد والاجتماع والسياسة والثقافة والسلوك، دون اعتداد يذكر بالحدود السياسية للدول ذات السيادة او انتماء الى وطن محدد او لدولة معينة ودون الحاجة الى اجراءات حكومية)([vi]).
وتعرف ايضا بانها (القضاء على قدرة الأمة على إنشاء وتنفيذ سياساتها الخاصة، وزيادة في أهمية الشركات عبر الوطنية، وتغيير في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، والمؤسسات السياسية للبلدان)[vii].
وهناك من يقرن بين العولمة وبين الامركة باعتبار انها لا تتعلق فقط بدرجة من درجات التطور الرأسمالي فحسب، وانما هي عبارة عن دعوة الى نشر وتعميم طريقة معينة في الحياة، وهي الطريقة الامريكية([viii])، فنتيجة لدخول الولايات المتحدة الثورة الصناعية الثالثة، وخاصة في مجال الاتصالات والمعلومات، والدور الكبير الذي تلعبه في المجالات السياسة والاقتصاد والامن([ix])، برزت كقوى عظمى تحكم وتتحكم وتفرض ارادتها في كافة المجالات من خلال الدعوه الى الانفتاح على سوق عالمية تقودها الرأسمالية بشكل صارم([x])، تحت ذريعة ضرورة وجود تكامل بين اقتصاد دول العالم حتى تتوفر عدالة التوزيع ويعمم الرفاه في كل انحاء العالم.
وهو يعني في حقيقته سيادة نمط سياسي واقتصادي وثقافي واحد على كافة دول العالم ، وهو النمط الامريكي الذي تحاول الولايات المتحدة نشره وبكافة السبل لغرض تعزيز نموها الاقتصادي عن طريق توظيف تبعية الاقتصادات الاخرى لاقتصادها، ومن ثم الحيلوله دون بروز قوة منافسه لها.
المطلب الثاني: دور الدولة في المدارس الفكرية الاقتصادية
ان النظرة تجاه دور الدولة ووظائفها في ظل الرؤى المختلفة للمدرسة الاقتصادية ظل موضوع اهتمام وجدل كبير ما بين الباحثين في كل مرحلة يتم فيها تبني هذه المدرسة او تلك، الا انها لم تكن غائبة مطلقا عن ساحة الصراع الفكري، لذا سيتم تناول كلمن مفهوم الدولة ودورها في المدارس الفكرية الاقتصادية في هذا المطلب.
اولا: مفهوم الدولة:
منذ القدم والدولة موضوع اهتمام وتفكير الفلاسفة والكتاب، وقد عكف الكثير منهم على محاولة تحديد مفهوم علمي واضح لها، لذا فقد اخذت مفاهيم مختلفة عبر العصور التي مرت بها.
ويمكن القول ان نهاية القرن الخامس عشر بدأت تحولات مهمة مهدت لتشكيل الدولة القومية بمفهومها الحديث، منها القضاء على نظام الاقطاع وتثبيت السلطة الملكية التي وجدت في الطبقة الوسطى خير حليف لها في صراعها ضد الاقطاعيين([xi])، كما قامت في غرب اوربا ملكيات قومية في كل من انكلترا وفرنسا واسبانيا لعبت دورا كبيرا في اثارة الوعي القومي والشعور القومي([xii]). كذلك ادى تبلور اللغات القومية التي اخذت تزيح اللغة اللاتينية وتحل محلها بالتدريج الى ترسيخ الوعي القومي لدى الشعوب الاوربية([xiii])، هذا فضلا عن دور حركة الاصلاح الديني التي كان لها الاأثر الكبير في اقرار الحريات الفردية وانتزاع السلطات المطلقة التي كان يتمتع بها البابا والكنيسة.
ومما تجدر الاشارة اليه هو وجود علاقة ترابطية بين ظهور القيم البروتستانتية والروح الرأسمالية، حيث ان الاولى خلقت قيما جديدة للعمل اتسمت بـ(الكفاح والنظام والاعتدال والبحث عن النجاح)، وهي العناصر الجوهرية في الروح الرأسمالية([xiv]). كما وتجدر الاشارة ايضا الى ان معاهدت (وستفاليا) لعام 1948، قد ارست دعائم الدولة القومية في اوربا واقرت حدودها وسيادتها على اراضيها، فمن خلال المدة من نهاية القرن الخامس عشر الى نهاية القرن السابع عشر تركزت السلطة السياسية والعسكرية بيد الملك مما ادى الى زيادة صلاحياته في الحكم([xv])، واستمر الحال كذلك حتى قيام الثورة الفرنسية عام 1789 التي اعلنت قيام الدولة القومية على اسا انتمائها الى الامة بدلا من انتمائها الى الملكية المطلقة، وفي تلك المدة تقريبا انبثقت الثورة الصناعية- مرحلة الرأسمالية الصناعية- التي تميز عصرها بالبدء بالانتاج الآلي، اذ قادت هذه الثورة الى تعميق التصنيع الرأسمالي ونمو الناتج الصناعي وازدياد التجارة الخارجية([xvi]).
ومن هنا فقد بات على الدولة ان تغير وظائفها من جديد على وفق متطلبات المرحلة الجديدة، اذ قامت الدولة بتعبئة الجيوش لفتح المستعمرات الجديدة ورفع شعار (دعه يعمل دعه يمر)، اي تحرير التجارة الخارجية والداخلية، كما تراجعت وظيفتها من حيث التدخل المباشر في عملية الانتاج وتركها لارباب العمل، وكذلك من الوظائف الجديدة التي قامت بها الدولة في تلك المرحلة هو ترسيخ الشعور بالولاء للامة والدولة([xvii]).
ومع الثلث الاخير من القرن السابع عشر شهد العالم تطور جديد وهو دخول الرأسمالية بمرحلة جديدة وهي الرأسمالية المالية او الاحتكارية (الامبريالية)، والتي اتسمت بتركيز الانتاج وتمركز رأس المال وكذلك بروز الشركات الاحتكارية وانتشارها على الصعيد الدولي([xviii]).
وقد ادت هذه التطورات الى سعي الدول الرأسمالية للبحث عن اسواق جديدة لمنتجاتها، وعن مستعمرات تمدها بالمواد الاولية والطاقة، وهوما تمخض عنه قيام الحرب العالمية الاولى، التي بنهايتها ظهرت الولايات المتحدة كقوة اقتصادية وسياسية جديدة([xix])، وبعد عام 1917، وبعد ظهور المنافس الجديد للنظام الرأسمالي المتمثل بالنظام الاشتراكي في الاتحاد السوفييتي، وبعد ان اضحت الاسواق الوطنية وكذلك الخارجية غير كافية لاستيعاب الزيادة في الانتاج، ونتيجة للكساد الاقتصادي الذي مرت به الدول الرأسمالية في الاعوام (1929-1933)، وكذلك نتيجة الدمار الذي خلفته الحرب العالمية الثانية فيما بعد، توجب على الدولة ان تتدخل في الاقتصاد، وهكذا ظهر نموذج (الدولة الكنزية)، التي ساد نمطها في المدة من نهاية الثلاثينيات الى نهاية الستينات([xx]). وعند بداية عقد السبعينات وتزامنه مع ازمة الركود التضخمي التي واجهتها الدول الرأسمالية، والتي انطوت على تعايش وتزامن البطاله مع التضخم، ظهرت افكار الليبرالية الجديدة، كعلاج لهذه الازمة من خلال العودة الى الرأسمالية بصورتها الخالصة، اي ترك النشاط الاقتصادي لآليات السوق الحرة وتصفية القطاع العام وتهميش الدور الاقتصادي للدولة([xxi]).
وبعد انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية، فضلا عن التطور الهائل الذي احدثته التقنية في تطوير التنظيم الصناعي([xxii])، كل ذلك ادى الى اتجاه الفكر الليبرالي الجديد نحو التطرف من خلال الدعوه الى الحد من دور الدولة وتعويم العملات وتخفيض النفقات الحكومية لتنتقل الرأسمالية الى مرحلة جديدة، وهي مرحلة العولمة([xxiii]).
ثانيا: الدولة في الفكر الاقتصادي:
اختلفت المدارس الفكرية في توجهات نظرها الى الدور الاقتصادي للدولة، وانقسم الى قسمين رئيسين، الاول يدعو الى رفع يد الدولة عن النشاط الاقتصادي، والثاني يدعو الى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، وسوف يتم تناول ابرز المدارس الفكرية في هذه النقطة والتي تتمثل بـ( الكلاسيكية و الكنزية والنيوكلاسيكية(النقدية)).
1-الدولة في المدرسة الكلاسيكية:
ظهرت افكار هذه المدرسة في اواخر القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر واستمرت الى حصول الكساد الكبير عام 1929، اذ ترى عدم وجوب تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي، لان الرأسمالية الصناعية في بداية نشأتها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر كانت في اوج قوتها، وكذلك لما كان يحققه الفن الانتاجي الجديد من انخفاض في تكاليف المنتجات، لذا فان تدخل الدولة ووضعها للقيود والعوائق على النشاط الاقتصادي من شأنه ان يعرقل من تصريفهم لمنتجاتهم في الداخل والخارج، ثم يضعف فرص الربح المراد الحصول عليه([xxiv]).
ويرى رائد هذه المدرسة (آدم سمث) ان هناك قوى داخلية او ما سماها (اليد الخفية) التي تعمل على اعادة النظام الاقتصادي الى وضعه الطبيعي في حالة ظهور خلل من شأنه ان يؤدي الى ظهور مشكلة مثل (البطالة- التضخم- الخ)([xxv])، وان الافراد في سعيهم لتحقيق المصلحة الخاصة يحققون بدون ان يشعروا المصلحة العامة([xxvi])، وان هذا النظام يجب ان تمتنع فيه الدولة عن التدخل وتتركه يعمل حرا كما يجب ان يكون، فان اي تدخل من الدولة في سير هذا النظام قد يؤدي الى الاخلال به وبالنتائج التي تتولد عنه([xxvii])، كما ويقتصر دور الدولة عند الكلاسيك على انتاج او تقديم الخدمات العامة التي لا يمكن للفراد او القطاع الخاص على انتاجها او تقديمها عن طريق السوق الاعتيادية كبقية السلع والخدمات([xxviii]).
2-الدولة في المدرسة الكنزية:
ترتبط السياسات الاقتصادية بعد قيام ازمة (1929-1933) التي عرفت بازمة (الكساد العظيم) بظهور ما يطلق عليها بـ(المدرسة الكنزية)، نسبة الى الاقتصادي الانكليزي (جون مينارد كنز)، والذي انتقد المدرسة الكلاسيكية ونادى بنظرية التوازن الكلي، ورفض تطبيق التحليل الحدي على الاقتصاد العالمي، وفتح باب التدخل من جانب الدولة عن طريق سياستها المالية باجراء نفقات على بعض المشروعات([xxix]).
واكد كينز بان التوازن الاقتصادي لا يعني بالضرورة استخداما كاملا لعناصر الانتاج، ولا يعني تصفية البطالة، وطالب الدولة بضرورة التدخل لتنظيم الشؤون الاقتصادية، اي اخذت نظريته بالاساس النظري لسياسات التدخل الحكومي في النشاط الاقتصادي من اجل تحقيق العمالة والقضاء على البطالة([xxx]).
والجدير بالذكر ان المحاولات الكنزية لا تخرجه من اطارها الايديولوجي عن استخدام الدولة كاحدى ادوات تعديل الالتواءات التي انتابة المسارات الرئيسة للرأسمالية، ثم التخلي عنها بعد ان يستعيد النظام الرأسمالي دوره على وفق مزايا السوق، ولهذا كان تأكيد كينز ان معالجاته تعد قصيرة الامد وليست بعيدة الامد([xxxi]).
3-الدولة في المدرسة النيوكلاسيك (النقدية):
بدأت الاسهامات الاولى للمدرسة النقدية منذ منتصف القرن السابق الا انها ظهرت بقوة في بداية عقد السبعينات مع حرب اكتوبر عام 1973، اذ شهد الاقتصاد العالمي ازمة اخرى عقب ارتفاع اسعار النفط وظهور ما يعرف بظاهرة (التضخم الركودي)، الذي ساد معظم البلدان الرأسمالية.
استند المنهج النقدي الذي قاده الاقتصادي (ميلتون فريدمان) مع مجموعه من الاقتصاديين الذين درسوا في (مدرسة شيكاغو) وهم (كارل برونز، و ولتر وليدار)، الذين نسبوا الى كنز اهماله دور النقود في التأثير في السياسة الاقتصادية، وترى هذه المدرسة انه قد اصبح من الواجب عليهم اعادة الدور الحيوي للنقود وبخاصة عرض النقود للتأثير على الحياة الاقتصادية، وتقليص دور الدولة بانجازها الوظائف الثانوية([xxxii])، اذ ترى هذه المدرسة ان الرأسمالية كنظام اجتماعي لا تعاني عيوبا او نقائصا جديه، واذا ما كانت ثمة عيوب او نقائص فانها تنجم عن النقود التي تعطل عمل قوانين الاقتصاد الحر، وعن تورط الدولة في ممارسة النشاط الاقتصادي، فضلا عن تصلب النقابات العمالية والحاحها المستمر على رفع الاجور. وقد تزامنت افكار هذه المدرسة مع وصول (رونالد ريغن) الى سدة الحكم في الولايات المتحدة، فضلا عن مارغريت تاتشر في بريطانيا، والذين بدءا بتطبيق هذه الافكار منذ عام 1980، وقد مارست كلا الدولتين وظائفها من خلال تخفيض النفقات وتحرير الاقتصاد وذلك لزيادة القدرة على المنافسه في الاسواق الخارجية، فضلا عن قيامهما بتخفيض الضرائب ومن ثم تقليص الانفاق لتسهيل عمل الشركات في مد نفوذها العالمي([xxxiii]). 
ومما تجدر الاشارة اليه في هذا الصدد هو تعرض الاقتصاد الامريكي والاقتصادر العالمي الى ازمة مالية خانقة في مطلع القرن الحادي والعشرين عام 2008، لفشل حركة الاقتصاد العالمي ككل، والتي تبعا اتجاه الاقتصاد العالمي نحو حالة الكساد وذلك بسبب فشل افكار المدرسة معالجة الاختلالات والازمات التي يعاني منها هذا النظام، مما ادى الى البدء بطرح رؤى وافكار جديدة تدعو الى اعادة النظر في دور الدولة وامكانية منحها دورا ووظائف اكبر لتحقيق التوازن وتصحيح حالة الاختلال الناتجة عن السياسات المتبعه سابقا.

المبحث الثاني: آليات تأثير العولمة على وظائف الدولة الاقتصادية:
ترتبط عملية العولمة بتدويل النظام الاقتصادي الرأسمالي، اذ تم توحيد الكثير من اسواق الانتاج والاستهلاك، وتم التدخل في الاوضاع الاقتصادية للدول عبر المؤسسات المالية الدولية والشركات المتعدية الجنسية ومنظمة التجارة العالمية والتكتلات الاقتصادية الاقليمية، وهو ما سيتم توضيحه في المطالب الاتية:

المطلب الاول: الشركات المتعدية الجنسية:
تعد الشركات متعددة الجنسية واحدة من الادوات المهمة في ممارسة العولمة وفي بلورتها كظاهرة، وذلك لكونها تلعب دورا كبيرا في نشوء وتطور ظاهرة الانتاج وانتقال رأس المال وابتكار انماط جديدة للعمليات الانتاجية من خلال مساهمتها في سرعة تبدل انماط العمل والاستفادة من الثروات الممتدة عن طريق الاستثمار في اكثر من بلد سعيا وراء تعظيم الارباح([xxxiv]).
وقد اضحت في ظل العولمة انتشار الانتاج عن بعد التي قامت بها هذه الشركات –اي عولمة النشاط الانتاجي- من خلال ظهور منتجات معينه تصنع في بلدان مختلفة ويكون مقر الادارة العليا للشركة متعدية الجنسية في بلد ما، وقد تصاعد دور هذه الشركات اكثر و اكثر مع نهاية القرن العشرين بسبب عمليات الاندماج والتعاون الضخمه بينها والتي اضحى العالم من خلالها مؤذنا بحلول عصر (الشركات فوق العملاقة)([xxxv])، ومع اتساع نشاط هذه الشركات اصبحت تسعى الى الغاء الحضوض الوظيفية للدولة على اعتبار انها تشكل عائقا امام مقتضيات توسيع السوق وتوحيدالنظام التجاري المالي وصولا الى فتح الباب واسعا اما تكوين السوق العالمي، اذ اخذت تخترق حدود الدولة واخذت هذه الحدود تفقد قيمتها الفعليه وادى هذا الاختراق الى تهميش الوظائف الاقتصادية التي تمارسها الدولة المتمثلة في فرض الحواجز الكمركية وممارسة السياسات النقدية والمالية([xxxvi]).
كما وتجدر الاشارة الى ان هذه الشركات تتمتع ببدائل تمكنها من التهرب من الاذعان للسياسات العامه للبلد المضيف فيما لو واجهت تشريعات او قوانين سياسية او اقتصادية تتنافى مع مصالحها([xxxvii])، والاكثرمن ذلك فان هذه الشركات تخلق لنفسها اساسا عالميا مستقلا عن سيطرة الدولة، منها تستطيع نقل فروعها من دولة الى اخرى بحيث تؤثر على الدولة المضيفة وتشكل رادعا لها([xxxviii])، وبعبارة اخرى انها تستطيع او تسعى الى تصفية مجموعة المعايير والمبادئ المرتبطة بوظائف الدولة الاقتصادية ومن خلال تغيير التشريعات لتتلائم مع مصالحها حتى لو اقتضت تلك الاجراءات تفكيك او الغاء او تقليص الخدمات الاجتماعية كالعلاج الطبي مثلا.
ونتيجة لهيمنة الشركات المتعدية الجنسية على 80 الى 90 % من مجمل التقنية المتطورة المناسبة الى الدول النامية او دول الجنوب التي تفتقد لها، اخذت هذه الشركات تفرض شروطها على السياسات الاقتصادية العامة التي تملكها الدولة، مما يقود الى تكريس التبعية الاقتصادية والتقنية لهذه الدول، ومن خلال ذلك تكون دول عالم الجنوب قد اضافت الى تبعيتها بعدا جديدا هو البعد التقني([xxxix]).

المطلب الثاني: صندوق النقد والبنك الدوليين:
ان فشل اغلب دول الجنوب في تحقيق التنمية وتفاقم ازمة مديونيتها التي ادت الى اتسام اوضاعها الاقتصادية بقدر من عدم الاستقرار –خاصة خلال الربع الاخير من القرن العشرين- جعلها تتعرض خلالها لسلسلة من الصدمات الاقتصادية خلقت آثارا واضحة على الهياكل الاقتصادية لهذه الدول، وهذا ما ادى الى ان تواجه هذه الدول مشاكل اقتصادية عديدة يحتاج حلها الى المزيد من الاقتراض الخارجي، وهنا وجدت العديد من دول الجنوب نفسها مضطرة للاقتراض الى صندوق النقد والبنك الدوليين، واللذين اخذا يعزوان فشل التنمية في هذه الدول الى تزايد دور الدولة في الاقتصاد وكذلك الى ضعف اداء شركات القطاع العام، واخذا يدعوان دول الجنوب الى تبني مناهج الليبرالية الاقتصادية الجديدة المتطرفة كطريق لتحقيق التنمية([xl]).
ومن هنا بدأ صندوق النقد الدولي بمواجهة اوضاع دول الجنوب من خلال برامج التثبيت الاقتصادي التي تعتمد على اعادة التوازن في الكميات الاقتصادية الكلية وهي امور تتحدد عادة بمؤشرات ثلاثية هي مواجهة عجز الموازنة، تحديد اسعار الصرف، والاخذ باسعار الفائدة الحقيقية.
وتعد برامج صندوق النقد الدولي وحدها غير كافية، فهي اساسية لكن لابد من ان يستكملها البنك الدولي ببرامج التكييف الهيكلي الذي يتناول علاقات الانتاج وتنظيم ادارة الاقتصاد، اذ اتجه صندوق النقد الدولي ليصبح مع البنك الدولي المنظمتين الاقتصاديتين الدوليتين الاكثر اهتماما بقضايا التنمية والاصلاح الاقتصادي، وازداد دورهما في هذا الاتجاه مع تحول عدد من دول الكتله الاشتراكية سابقا الى اقتصاد السوق([xli]).
وعليه يمكن القول ان السياسات القصيرة المدى التي يمليها صندوق النقد الدولي على البلدان المدينة، تتكامل بشكل عضوي مع السياسات التكيفية المتوسطة والطويلة المدى التي يدعمها البنك الدولي، ومن هنا فقد نشأ مؤخرا مصطلح جديد في ادبيات صندوق النقد والبنك الدوليين وهومصطلح (المشروطية المتقاطعه) التي اصبحت تعني الترابط والتداخل بين شروط كلا المنظمتين([xlii]).
ومما تجدر الاشارة اليه هو ان برامج التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي تؤثر سلبا على اقتصادات دول الجنوب من خلال تهميش وظائفها الاقتصادية، كما انها تؤدي الى تراجع نسبة الانفاق الاستثماري العام الى اجمالي النفقات العامة، فضلا عن ان هذه البرامج تفرض على دول الجنوب تخفيض الانفاق الحكومي عن طريق الغاء الدعم المقدم لبعض السلع الغذائية والاساسية وبعض مستلزمات الانتاج الزراعي، وذلك لتخفيض العجز المالي في الموازنه الحكومية العامة، وكذلك تستهدف هذه البرامج التخفيض النسبي في الرواتب والاجور للموظفين الحكوميين والعاملين في المؤسسات الحكومية، مما ينعكس سلبا على حرية الدولة في ممارسة سياستها الاقتصادية العامة من جانب، ومن جانب اخر فان الخفض الحكومي على التعليم والصحة مثلا، يؤدي الى القاء اعباء اضافية على الاسر مما يؤدي الى تردي الاوضاع الصحية وانخفاض مستوى التعليم للعديد من المواطنين([xliii]).
  
المطلب الثالث: منظمة التجارة العالمية:
تعد منظمة التجارة العالمية اداة العولمة في الميدان التجاري والتي تاخذ على عاتقها ضمان حرية انسياب التجارة العالمية لمختلف انواع السلع والخدمات المصنعه والمنتجة في العالم دون قيود او شروط، ويتوقف تأثير اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في اقتصاديات دول الجنوب على مدى استجابة الاخيرة للتغييرات التي تحدثها تلك الاتفاقيات في النظام التجاري العالمي، وهذا بدوره يتوقف على درجة التنمية وعلى مستوى القدرة التنافسية التي حققتها هذه الاقتصادات ومدى انفتاحها على الاقتصاد العالمي، وكذلك مدى تأثر تلك الاقتصاديات ببعض الآثار لهذه الاتفاقيات مثل الزوال التدريجي لقيمة الافضلية في المعاملة التي تتمتع بها صادرات بعض بلدان الجنوب عند دخولها اسواق بعض الدول الصناعية([xliv]).
وتجدر الاشارة الى ان هنالك قوى اقتصادية كبرى مسيطرة ومتحكمة في معظم مقادير التجارة الدولية وهي كل من (الولايات المتحدة، الاتحاد الاوربي، اليابان)، وغيرها من الدول الكبرى والتي تمتلك امتيازات المنافسة القوية على حساب دول الجنوب المتخلفة في هذا المجال([xlv])، مما يؤدي الى ان تشكل منظمة التجارة العالمية جملة من الآثار السلبية العميقة في وظائف دول الجنوب الاقتصادية، اذ بانتهاء مدة السماح التي تمنحها هذه المنظمة لعدد من دول الجنوب سيفتح شعارا واسعا وعريضا امام حقبة التنافس العالمي بغير قيود، ويعني التنافس العالمي ان كافة الدول ستكون على قدم المساواة وهذا ما سيفرض على دول الجنوب الارتقاء الى مستوى المنافسة العالمية. الا ان الحقيقة هي خلاف ذلك، لان اغلب دول الجنوب لا تستطيع لحد الان سد متطلبات اسواقها، فكيف سترتقي الى مستوى المنافسة العالمية، وهي حالة تعكس عمق الازمة التي تواجهها هذه الدول والتي يمكن ارجاع اسبابها الاصلية الى التحولات الكبرى وكذلك الى فشل مختلف السياسات التنموية التي طبقتها دول الجنوب.
ومن الآثار السلبية ايضا ما سيترتب عليه تخفيض ايرادات دول الجنوب بسبب انخفاض حصيلة الرسوم الكمركية، اذ ان هذا التخفيض له اهمية بالغة لاغلبية دول الجنوب ولا سيما الدول العربية التي تشكل ايراداتها الكمركية جزءا لا يستهان به منمجموع ايراداتها ككل([xlvi])، كما ان اتفاقيات تحرير التجارة التي اقرتها منظمة التجارة العالمية سوف تقود الى ضعف السيطرة على حركة رؤوس الاموال والحد من هروبها الى الخارج، وكذلك الى صعوبة حماية اسعار صرف العملات الوطنية، الامر الذي يقيد الدولة في رسم سياساتها الاقتصادية العامة وفق ما تمليه عليه مصالحها([xlvii])، ونتيجة لهيمنة دول الشمال سيما الولايات المتحدة على النظام العالمي، والتي تستمد هذه الهيمنة قوتها من خلال التحكم بالتقنية وامتلاك رأس المال، ومراقبة الاسواق.
فقد اضحت المنظمات الاقتصادية الدولية وبضمنها منظمة التجارة العالمية هي الاداة التي تقوم باصدار القرارات الاقتصادية العالمية لصالح دول الشمال، مما يقيد دول الجنوب ويجبرها على التخلي عن بعض قراراتها الاقتصادية التي هي من قبيل سيادتها الوطنية([xlviii]).

المبحث الثالث: نتائج العولمة على دور الدولة الاقتصادي
في بداية العقد الاخير من القرن العشرين شهد العالم موجة جديدة اطلقت عليها تسمية العولمة الاقتصادية، والتي تهدف الى تعطيل دور الدولة الاقتصادي وتحجيم السلطة لقرارها الاقتصادي وايديولوجية تعميق الطابع العالمي للرأسمالية وتوحد رؤى العالم الاقتصادية ضمن الرؤية الامريكية، والعمل على وقف موجات الخروج من الرأسمالية كنظام وخلق ولاءات اقتصادية جديدة تربط المصلحة الاقتصادية الوطنية بالمصلحة الاقتصادية العالمية([xlix])، وهو ما ادى الى ظهور نتائج لسياسات هذه العملية (اي العولمة)، وهو ما سيتم تناوله في هذا المبحث من خلال الاتي:

المطلب الاول: الاقليمية الجديدة:
قادت الثورة العلمية والتقنية الى عولمة الانتاج من خلال ظهور انماط جديدة للتخصص وتقسيم العمل بين دول مختلفة، وان هذا التخصص والتقسيم الجديد للعمل ادى في اطار عملية تدويل الاقتصاد الى الدعوة لخلق تجمعات اوكيانات تربط بينها مصالح مباشرة تفوق ماعداها من المصالح([l])، فبعد ان اصبح العلم قوة انتاجية مباشرة اضحت كل دولة لاتستطيع بمفردها ان تحل كل المشاكل العلمية والتقنية التي تفرزها عمليات الانتاج، مما ادى الى ان تشهد السنوات الاخيرة زيادة متسارعة في انشاء تكتلات اقتصادية عملاقة او توسيع تكتلات قائمة كالاتحاد الاوربي والنافتا و ابيك الخ..، وبالرغم من الفوائد التي تجنيها الدول من الدخول في هذه التكتلات سيما دول الجنوب، الا ان لهذه التكتلات آثارا سلبية على الوظائف الاقتصادية لدول الجنوب غير المشاركة في عضوية اي منها، وذلك لانها تشتمل على نزعه حمائية وتمييزية ضد المبادرات من خارج هذه التكتلات، وهذا ما يؤدي الى تقييد النمو المحتمل للصناعات وينعكس سلبا على قدرتها التنافسية، اي ان التكتلات الاقتصادية تؤدي الى زيادة تهميش الدول غير المشاركة في عضوية اي منها، مما يجعل السياسات الاقتصادية العامة لهذه الدول مرتبكة وغير قادرة على تحقيق اهدافها التنموية، وبعبارة اخرى ان النظام الاقتصادي العالمي المعولم الجديد سيهمش الى حد الاختناق اغلب دول الجنوب لانه سيقوم على تجمعات اقتصادية قارية، بعد ان كان يقوم على اساس قومي ولا مكان في هذا النظام الاقتصادي العالمي للاقتصاديات الصغيرة([li]).
المطلب الثاني: الازمات الاقتصادية:
ان الازمات الاقتصادية ظاهرة ليست بالحديثة، وانما هي قديمة وفي حالة تطور واستمرار، وكذلك الامر بالنسبة للازمات المالية والنقدية، الا ان الازمات تختلف باختلاف النظام الذي تظهر فيه، فالازمات التي تظهر في النظام الرأسمالي تختلف من حيث الاسباب والمسار عن الازمات التي تظهر في النظام الاشتراكي، وتختلف باختلاف الاقتصاد الذي تظهر فيه اذا كان متقدما او ناميا([lii]).
الا ان انهيار النموذج الاشتراكي في مواجهة النوذج الرأسمالي كنظام اقتصادي عالمي للقرن العشرين، وعلى مدار المدة القصيرة التي لم تتجاوز الاربعة عقود ادت سياسات العولمة الى كثرة تواتر الازمات المالية والاقتصادية، ففي عام 2008 بدت ملامح ظهور ازمة مالية عالمية ببروز العديد من المؤشرات التي تشير الى تراجع الاقتصاد العالمي ككل، ومن جملة هذه المؤشرات ارتفاع اسعار النفط التي ادت بدورها الى ارتفاع اسعار الغذاء، فضلا عن ارتفاع معدلات التضخم العالمية مع تزايد معدلات البطالة ثم ازمة مالية ضاربة ادت الى افلاس العديد من المؤسسات المصرفية الموثوقة والمصارف التجارية في العديد من دول العالممع امكانية حدوث كساد عالمي، فبعد عشر سنوات من الازمة المالية التي ضربت الاسواق المالية الاسيوية واجه العالم من جديد ازمة مالية عالمية اثارت مختلف التكهنات المتشائمة حول نتائجها على الوضع الاقتصادي العالمي في مستقبله القريب والبعيد واطلق العنان للفكر الاقتصادي في مراجعة الدروس والعبر المستقات من اسباب انطلاقها وانتشارها على هذا المستوى غير المسبوق، الامر الذي حدى بالبعض تشبيهها بازمة ثلاثينيات القرن الماضي، لما تنطوي عليه من احتمالات ادخال الاقتصاد العالمي في مرحلة من الكساد، لابل انها بدأت تنذر الداعين الى الليبرالية الاقتصادية والعولمة بضرورة التراجع عن مسلماتهم الاولية فيما طرحوه من رؤى متفائلة حول الاقتصاد العالمي المعولم في القرن الحادي والعشرين([liii]).

المطلب الثالث: الوظائف الاقتصادية الجديدة للدولة:
بالرغم من ان هنالك شبه اتفاق بين الباحثين على طبيعة الوظائف الاقتصادية المنوطة بالدولة والتي تتلخص في تعظيم المصالح الاقتصادية، الا ان طبيعة هذه الوظائف وطبيعة الدور الذي تلعبه الدولة قد تغير بسبب سياسات العولمة، سواء في الدول الرأسمالية المركزية المتقدمة ام في دول الجنوب او الدول النامية، فاذا اخذنا نموذج من الدول المتقدمة المتمثل بالولايات المتحدة الامريكية المروجة للعولمة نجد انها مرت خلال مسيرة التقدم التكنلوجي في العقود الاخيرة من توجهها نحو توسيع تدخل الدولة لاسباب عملية (ادارية) هدفه بدلا من عدم التدخل التي كانت تنادي به هي نفسها تجاه الدول الاخرى، لان كل مشروع يتوسع يحتاج الى نظام اكثر تعقيدا ولادارة اشد دقة وهو ما يخلق طبقة من البيروقراطية ويدفع لتعزيز دور الدولة بدل اضعافه([liv])، وكذلك الحال ما حدث في الازمة المالية الاخيرة التي ضربت اقتصاد الولايات المتحدة عام 2008، والتي ادت الى انهيار كبريات البنوك الامريكية مما حدى الحكومة المركزية الى التدخل لانقاذ هذه البنوك والشركات العملاقة، وهو بالضد من طروحات (مالتن فريدمان) والطريقة الريغانية التي تعتمد بالاساس على عدم تدخل الدولة في الشؤون الاقتصادية، الا ان الواقع الاقتصادي المتزامن مع التطور التكنلوجي والتحديات القائمة فرض ان تظهر وظائف جديدة تزيد من تدخل الدولة وحتى الرأسمالية منها.
اما على صعيد دول الجنوب او (العالم الثالث) فان نتائج العولمة على وظائفها ان جعلت الدولة كمنظم او صاحب مشروع استثماري، او ما يطلق عليه رأسمالية الدولة، اي ذلك التطور الذي تخلقه الدولة وتشرف عليه وتصبح الفاعل الاساس فيه و في خلق الجهاز البيروقراطي الذي تديره الطبقة التي تربط مصالحها به، فضلا عن ذلك فان الدولة تنفذ مشروعاتها الاستثمارية من خلال اساليب رأسمالية (تطرح اسهم الشركات في السوق على سبيل المثال)، وهي بذلك تعمل بنفس اسلوب عمل الشركة في القطاع الخاص، كما انها تقوم مشروعاتها في ضوء معايير تقويم رأسمالية (كالربح، وعائد الاستثمار)، وتشغل الدولة العمال في مصانعها مثلها في ذلك مثل اي مشروع رأسمالي، بل انها احيانا كثيرة لا تسمح لهم بان يشاركوا في المشروعات التي تقيمها او تشرف عليها، وفي كل هذه الاعتبارات يصبح للدولة مصلحة في هذا النشاط الاستثماري والتنظيمي هي نفس مصلحة الطبقة الادارية وحتى الطبقة البروجوازية([lv]).
كما تجدر الاشارة الى ان من نتائج العولمة على وظيفة الدولة هي انتقال مقومات السيادة الاقتصادية من سلطة الدولة الوطنية الى سلطة القرار الاقتصادي المعولم والصادر عن الشركات المتعدية الجنسية والمؤسسات الاقتصادية العلمية ومراكز الرأسمالية المتقدمة، وسيؤدي انتقال هذه المقومات الى جملة امور من ابرزها تفكك قاعدة الدولة الوطنية، وسقوط منطق الجغرافية الاقتصادية، وسقوط منطق الحواجز الاقتصادية، ومن ثم سقوط الامن الاقتصادي امام الامن الاقتصادي المعولم([lvi]).

المطلب الرابع: ازدياد الهوة بين دول الشمال والجنوب:
لقد  حازت البلدان المتقدمة (اوربا الغربية، امريكا الشمالية، اليابان) في الثلثين الاولين من القرن العشرين على ثلاثة ارباع الانتاج الصناعي العالمي، ولم تكناوربا الشرقية والبلدان النامية حينذاك تساهم باكثر من السدس او اقل من العشر، على التوالي من الناتج العالمي، ثم اختلفت الخارطة الصناعية في بداية السبعينات بسبب تطور الانتاج الصناعي في جنوب شرق اسيا، واستمر الانتشار الصناعي جنوبا حتى التسعينات فوصلت حصة الانتاج الصناعي لبلدان الجنوب الى ربع الانتاج العالمي في حين سيطرت الدولالمتقدمة على ثلثيه، وفي عام 1994 بلغ نصيب بلدان الجنوب من الناتج الاجمالي العالمي (40%) بعد ان كان(34%) قبل عشر سنوات فقط، وتشير مؤشرات تطور الهيكل السلعي لصادرات بلدان الجنوب تغيرها المتذبذب، وبالرغم من ان نصيب دول الجنوب تعد امرا مشجعا سيما اذا ما اخذنا بالحسبان ان هناك دولا في الجنوب مثل اندونيسيا والهند والبرازيل والمكسيك، يتوقع لها ان تمثل مكانه مهمه ضمن القوى الجديدة في القران الحاديوالعشرين، الا ان حجم الصناعه الوطنية من هذه البلدان لا يمثل الا جزءا يسيرا تجاه حجم الصناعات التي تملكها الشركات المتعدية الجنسية([lvii]).
واذا ما القيت نظرة سريعه لبعض المؤشرات نجد حجم الهوة التي تفصل بين العالمين، اذ يعيش ما يقارب (85%) من الناس في بلدان تتزايد بها مظاهر التفاوت ويملك اقل من (20%) من البشر اكثر من (80%) من ثروة العالم، اذ جاءت العولمة لتخلف الحروب والصراعات والفقر لاعداد متزايدة من السكان في دول الجنوب([lviii]).
كما ادت العولمة ايضا الى تهميش اقتصادي لقطاعات متعددة من المجتمعات في بعض الدول المتقدمة المتادية بالعولمة نفسها، فالتقدم التكنلوجي المعاصر وثورة المعلومات وفتح الابواب لم يوظف دائما في مزيدمن الانتاج المربح وعدالة في التوزيع، بل كثيرا ما انطوى على مزيد من اتاحة ادوات القتل والدمار وتدعيم شبكات الجريمة المنظمة في تهريب المخدرات وتوسيع دائرة الرقيق الابيض زنمو الثروات المحرمة من الفساد السياسي والاخلاقي، بل ان هذا الفساد لم يترك مجال النشاط الاقتصادي والاستثماري حين عمدت كبرى الشركات الانتاجية الى خداع المستثمرين بالمعلوامت المغلوطة مستندة الى تحريات الشركات المحاسبة والمراجعة (لعل اشهرها فضيحة شركة اثرون الامريكية وما ارتبط بها من تواطؤ اكبر بيوت المحاسبة)، وهكذا ظهر للعولمة وجه اخر يتمركز في ضعف سلطة الدولة وتراجعها اما منظمات الجريمة الدولية([lix]).

الخاتمة
بعد البحث في مفهوم العولمة وآلياتها ومن ثم دراسة وظائف الدولة الاقتصادية وتأثيرها بالعولمة، ثم التوصل الى اثبات الفرضية التي انطلق منها البحث وهي انه (كلما يزداد تأثير العولمة في وظائف الدولة الاقتصادية سيما في دول الجنوب كلما يزداد تهميشها)، ففي خضم التطورات التي صاحبت النظام السياسي الدولي من تفكك الكتلة الشيوعية الى انفراد الولايات المتحدة والرأسمالية متمثلة بمرحلة العولمة الى بروز بعض الدول كقوى اقتصادية لها اهميتها، كذلك تعرض النظام الاقتصادي العالمي للازمات المستمرة، كل ذلك ادى الى الحديث مجددا عن الدولة ودورها الاقتصادي، وتباين الاراء بين من يرى ان الدولة بدأت تفقد دورها واهميتها، وبين من يدعو الى دور اكبر للدولة واجراء تحول في طبيعة هذا الدور وخاصة من الناحية النوعية.
كما وتجدر الاشارة الى ان للعولمة آليات مارست تأثيرها في وظائف الدولة الاقتصادية من خلالها، فالشركات متعدية الجنسية تمارس من خلال العولمة قوانين عمل عالمية تتماشى مع مصالحها ومصالح دولها الام، وبما يقيد دول العالم سيما دول الجنوب في ممارسة وظائفها الاقتصادية، لان تلك القوتانين لا تنسجم مع واقع مجتمعات دول الجنوب ودرجة التنمية فيها.
كما ان صندوق النقد والبنك الدوليين يسعيان الى مصادرة الوظائف الاقتصادية لدول عالم الجنوب ليعيدان رسمها من جديد بما يتوافق مع حركة رأس المال والاستثمار العالمي، دون الاخذ بنظر الاعتبار مصالح هذه الدول وخصوصياتها.
اما منظمة التجارة العالمية فتعمل على تقليص وظائف العديد من دول العالم سيما الثالث منها في السيطرة على التجارة، وذلك يفتح الباب واسعا امام السلع الاجنبية التي عادة ما تكون منافسا قويا لللع المحلية، مما يؤدي بالاخيرة الى التراجع لصالح السلعة الاجنبية، كما انها تكرس هيمنة دول الشمال على التجارة العالمية.
ولا يفوتنا ان نذكر ان للعولمة نتائج عدة على وظائف الدولة الاقتصادية، فمن ناحية التكتلات الاقتصادية فان لها تأثير سلبي كبير على الدول خارج هذه التكتلات لانها تضعف من قوة اقتصاد الدولة ماما الكتل الاقتصادية الكبرى، والذي بدوره يضعف وظائفها الاقتصادية، ومن جهة اخرى فان سياسات العولمة التي تسعى لتعظيم البرح للاقلية المتحكمة بالاقتصاد العالمي وحركته، ادت الى كثرة تواتر الازمات الاقتصادية والمالية الدولية، وابرز مثال على ذلك الازمة المالية التي ضربت في البدء الولايات المتحدة لتنتشر بعد ذلك وبسبب ترابط وتشابك الاقتصاد العالمي المعولم الى معظم دول العالم.
ومن نتائج العولمة ايضا ازدياد الهوة بين دول عالم الشمال المتقدمة صناعيا وتكنلوجيا وعلميا، وبين دول الجنوب غير القادرة على منافسة دول الشمال من الناحية الانتاجية والنوعية، مما يزيد من الفجوة الفاصلة بين العالمين.
وختاما فان من نتائج العولمة هو ظهور وبروز بعض الوظائف الاقتصادية الجديدة بالنسبة لدول الشمال بسبب التقدم التكنلوجي وثورة المعلومات التي تقود الى التدخل من قبل الدولة لضبط سير عمل الاجهزة الحكومية وقطاعات الخدمات، ومن جانب اخر تحول دور الدولة الاقتصادي في دول الجنوب الى شكل اشبه بالقطاع الخاص او المشروع او المستثمر بدلا من المالك والمخطط والمنفذ للمشاريع التي تهم القطاع العام.  
م.د رياض مهدي عبد الكاظم/كلية الاعلام-جامعة واسط/ مجلة واسط للعلوم الانسانية، المجلد 11/ العدد 29/ 2015، ص205 الى ص226



[i] - سيار الجميل، في تعقيبه على بحث السيد ياسن، في مفهوم العولمة، في كتاب العرب والعولمة، تحرير اسامة امين خولي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1998، ص39.
[ii] - محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1997، ص28.
[iii] - اسامة امين الخولي، محررا، في كتاب العرب والعولمة، مصدر سبق ذكره، ص8.
[iv] - عبد الستار الراوي، العولمة- الفردوس الموعود وجحيم الواقع، مجلة الموقف الثقافي، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، العدد 10، 1997، ص 33.
[v] - رياض عزيز هادي، العالم الثالث والعولمة، مجلة العلوم السياسية، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، العدد 19، 1999، ص3.
[vi] - اسماعيل صبري عبد الله، الكوكبة- الرأسمالية العالمية في مرحلة ما بعد الامبريالية، في كتاب العرب وتحديات النظام العالمي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 2004، ص45.
[vii] - Parisa SAMIMI, Globalization Measurement: Notes on Common Globalization Indexes, Universiti Teknologi Malaysia (UTM), December, 2011, p3.
 بحث مستخدم من خلال المكتبة العلمية الافتراضية العراقية على الرابط:
[viii] - محمدعابد الجابري، مصدر سبق ذكره، ص137.
[ix] - بول سالم، الولايات المتحدة والعولمة-معالم الهيمنة في مطلع القرن الحادي والعشرين،فيكتاب العرب والعولمة، مصدر سبق ذكره، ص29
[x] - هانس بيترمان وهارولد شومان، فخ العولمة، ترجمة عدنان عباس علي، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، 1998، ص13.
[xi] - خليل علي مراد وآخرون، دراسات في التاريخ الاوربي الحديث والمعاصر، الموصل، مديرية الكتب للطباعة والنشر، 1988، ص33
[xii] - ثروت بدوي، اصول الفكر السياسي والنظريات والمذاهب السياسية الكبرى المعاصره، دار النهضة العربية، 1967، ص133.
[xiii]  - خليل مراد وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص36.
[xiv] - غازي فيصل، التنمية السياسية في دول العالم الثالث، بغداد، دار الكتاب للطباعة والنشر، 1993، ص22، ص23.
[xv] - بول كندي، سقوط ونشوء القوى الكبرى، ترجمة مالك البديري، عمان، الاهلية للنشر، 1994، ص
[xvi] - هشام البعاج، الرأسمالية وتطور العلاقات الاقتصادية الدولية، مجلة شؤون سياسية، بغداد، مركز الجمهورية للدراسات الدولية، العدد 2، 1994، ص19.
[xvii] - جلال امين، العولمة والدولة، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدىة العربية، العدد 228، 1998، ص27.
[xviii] - هشام البعاج، مصدر سبق ذكره، ص152.
[xix] - محمد طاقة، مأزق العولمة، مجلة كلية بغداد، كلية بغداد للعلوم الاقتصادية، العدد 1، 2000، ص6.
[xx] - منير الحمش، العولمة ليست الخيار الوحيد، دمشق، الاهالي للنشر والتوزيع، 1998، ص
[xxi] - محمد عبد الشفيع عيسى، التنمية واوهام خمسة، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، مركز الاهرام للدراسات السياسية، العدد 133، 1998، ص71.
[xxii] - عمر محي الدين، في تعقيبه على بحث جلال الدين امين، العولمة والدولة، في كتاب العرب والعولمة، مصدر سبق ذكره، ص189.
[xxiii] - سمير امين، نقد الآيديولوجيا الرأسمالية، في حيدر ابراهيم وآخرون، العولمة والتحولات المجتمعية في الوطن العربي، القاهرة، مكتبة مدبولي، 1999، ص
[xxiv] - لبيب شقير، تاريخ الفكر الاقتصادي، القاهرة، دار النهضة المصرية، بلا سنة، ص104.
[xxv] - جون كينث جالبرت، تاريخ الفكر الاقتصادي والحاضر، ترجمة احمد فؤاد بليغ، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، 2000، ص104.
[xxvi] -  حازم البتلاوي، دليل الرجل العادي الى تاريخ الفكر الاقتصادي، القاهرة، دار الشروق، ط1، 1999، ص55، ص56.
[xxvii] - عبد الرسول سلمان، معالم الفكر الاقتصادي، بغداد، شركة الطبع والنشر الاهلية، ط1، 1966، ص162.
[xxviii] - عبد علي كاظم المعموري، تاريخ الافكار الاقتصادية من الكلاسيك الى التوقعات العقلانية، ج2، بغداد، مركز حمورابي، 2007، ص14.
[xxix] - فتح الله ولعلو، الاقتصاد السياسي، بيروت، دار المدانة، ط1، 1981، ص135.
[xxx] - عبد القادر الجبوري، التاريخ الاقتصادي، جامعة الموصل، 1979، ص239.
[xxxi] - طارق العزاوي، الفكر والتاريخ الاقتصادي، بغداد، مطبعة الازهر، ط2، 1975، ص236.
[xxxii] - سالم توفيق النجفي، متضمنات النظام الاقتصادي الرأسمالي الجديد-المنهج الاقتصادي للعولمة، مجلة دراسات اقتصادية، بغداد، بيت الحكمة، العدد 3-4، 2007، ص7.
[xxxiii] - محمد عبد الشفيع، مصدر سبق ذكره، ص71.
[xxxiv] - منير الحمش، في تعقيبه على بحث السيد ياسين، في مفهوم العولمه، في كتاب العرب والعولمه، مصدر سبق ذكره، ص55.
[xxxv] - خالد عبد العزيز الجوهري، الاندماج ما بين الظاهرة والهوس، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، مركز الاهرام للدراسات السياسية، العدد 149، 2000، ص176.
[xxxvi] - عصام عيسى، في تعقيبه على السيد ياسين، في مفهوم العولمة، في كتاب العرب والعولمة، مصدر سبق ذكره، ص58.
[xxxvii] - صلاح عبد الحسن وهناء عبد الغفار، الاستثمارات الاجنبية-المسوغات والاخطار-، بغداد، بيت الحكمة، 1998، ص43.
[xxxviii] - احمد زايد، الدولة في العالم الثالث، القاهرة، مطبعة التضامن، 1986، ص216.
[xxxix] -  عبد الحي يحيى زلوم، نذر العولمة، بيروت ، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1999، ص352.
[xl] - حميد الجميلي، التحررية الاقتصادية الجديدة في ضوء منهج صندوق النقد الدولي، بغداد، دار الشؤون التقافية العامة، سلسلة افاق، 1999، ص6.
[xli] - حازم الفتلاوي، النظام الاقتصادي الدولي المعاصر-معايير وقواعد ماليه جديدة-، القاهرة، مركز الاهرام للترجمة والنشر، ط2، 2005، ص30، ص31.
[xlii] - رمزي زكي، انماط الانتاج والتوزيع والاستهلاك السائدة في الوطن العربي وانعكاساتها على اوضاع التنمية البشرية، في محمد عابد الجابري وآخرون، التنمية البشرية في الوطن العربي، بيروت، 1995، ص17.
[xliii] - كمال المنوفي، اصول النظم السياسية المقارنة، الكويت، شركة الربيعات للنشر، 1987، ص302.
[xliv]  - ابراهيم العيسوي، الغات واخواتها-النظام الجديد للتجارة العالمية ومستقبل التنمية العربية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ط2، 1997، ص41.
 [xlv]  لستر ثرو، المتناطحون-المعركة الاقتصادية القادمة بين اليابان واوربا وامريكا-، الكويت، المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، 1995، ص25.
[xlvi]  - جلال امين، العولمة والتنمية العربية، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1999، ص164.
[xlvii] - المصدر نفسه، ص166.
[xlviii] - حميد الجميلي، دراسات في اقتصادات الغات، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1998، ص47.
[xlix]  - مها دياب، تهديدات العولمة للوطن العربي، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركزدراسات الوحدة العربية، العدد 271، 2002، ص154.
[l] - محمد سعيد ادريس، الاقليمية الجديدة ومستقبل النظم الاقليمية، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، مركز الاهرام للدراسات السياسية، العدد 138، 1999، ص40.
[li] - المصدر السابق، ص45.
[lii] - حسين احمد دخيل، ازمة الاقتصاد المكسيكي واثرها في تحديد نمط العلاقات الامريكية المكسيكية، رسالة ماجستير، غير منشورة، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2007، ص30.
[liii] - هجير عدنان تركي، المخاطر الكامنه في عولمة الاسواق المالية، بحث مقدم الى ندوة الازمة المالية العالمية لعام 2008، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2008، ص2.
[liv] - جوزيف اس ناي، المعلوماتية الامريكية موارد قوة المستقبل، مجلة شؤون سياسية، بغداد، مركز الجمهورية للدراسات الدولية، العدد 6-7، 1995، ص93.
[lv] - احمد زايد، الدولة بين نظريات التحديث والتبعية، القاهرة، نهضة مصر للصناعة والنشر والتوزيع، 2008، ص89، ص90.
[lvi] - مها دياب، مصدر سبق ذكره، ص156.
[lvii] - محمد خالد المسفر، العولمة الاقتصادية –هيمنة الشمال والتداعيات على الجنوب-،بغداد، بيت الحكمة، 2002، ص220، ص221.
[lviii] - حازم الببلاوي، النظام الاقتصادي، مصدر سبق ذكره، ص36.
[lix] - المصدر نفسه، ص36.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق